تغيير المدرسة للطفل: الصعوبات والحلول
توصَف المدرسة بالبيت الثاني للطفل؛ حيث يقضي فيها ساعات طويلة يومياً يلتقي فيها مع المعلمين ويكوِّن الصداقات مع الزملاء ويبدأ ببناء معارفه ومهاراته؛ فنجد الطفل في كثير من الأحيان يتعلق بالمدرسة ويستأنس بوجوده ضمنها ولا يشعر فيها بالغربة، حتى أحياناً يبكي إذا اضطر الأهل إلى منعه من الذهاب إلى المدرسة ليوم واحد لسبب من الأسباب.
لكن هناك مشكلة أكبر من ذلك في حال حدوثها وهي عندما يضطر الأهل في العديد من الحالات إلى نقل طفلهم من المدرسة إلى مدرسة جديدة؛ إذ يشعر الطفل بالخوف من الجو الجديد والغريب، فهو لا يعرف فيها أصدقاء، ولا يوجد فيها معلمون يحبهم هو ويعرفون حاجاته.
لذا تتخلل هذه المرحلة صعوبات كبيرة بالنسبة إلى الطفل والأسرة وكذلك المدرسة التي يجب أن تجعل الطفل الجديد يتكيف مع بيئتها ويلتزم بقوانينها ويعمل على تحقيق أهدافها، فهي ليست عملية سهلة أو عشوائية؛ بل عملية في غاية الصعوبة تحتاج إلى تخطيط وتقسيمها إلى خطوات وتنفيذها عبر مراحل عدة، بالإضافة إلى تعاون من كافة الأطراف الفاعلة من أجل ضمان نجاحها.
أولاً: ما هي الأسباب التي تدفع الأهل إلى نقل أطفالهم لمدرسة جديدة؟
1. تغيير مكان الإقامة أو انفصال الوالدين:
يُعَدُّ تغيير مكان الإقامة من أكثر الأسباب التي تدفع الوالدين لتغيير مدرسة طفلهم؛ إذ يتم تغيير السكن إما بسبب الانتقال لبيت جديد أو حصول أحد الوالدين على عمل واضطراره إلى تغيير المكان أو انفصال الأبوين واضطرار الطفل إلى الانتقال للسكن مع واحد منهما.
2. الأسباب المالية:
ربما يكون الطفل ضمن مدرسة مكلفة مادياً ولم يعد باستطاعة الوالدين دفع أقساطها فيعملون على نقل ابنهم لمدرسة جديدة تتناسب وإمكاناتهم.
3. أسباب تتعلق بالطفل نفسه:
مثل عدم التأقلم ضمن بيئة المدرسة ومعاناته من المشكلات النفسية، مثل الخجل والانطواء أو قيامه بسلوكات عدوانية تجاه المعلمين وزملائه أو تعرضه للعنف المدرسي أو لحالات التنمر ضده وغير ذلك.
4. تدني مستوى التحصيل الدراسي للطفل:
فقد يكون لا يلقى العناية المناسبة في المدرسة، أو لا يستطيع التأقلم مع أسلوب المدرسين، أو حتى تغيير المعلم الذي يكون قد اعتاد على وجوده سبباً رئيساً وهاماً في التأثير في تحصيل التلميذ، وبالنتيجة يرغب الأهل في تجاوز هذه المشكلة عبر نقل الطفل من مدرسة إلى مدرسة أخرى.
شاهد: أعراض التنمر المدرسي وعلاجه
ثانياً: ما هي الأشياء التي يجب التفكير فيها عند التفكير بنقل الطفل من مدرسة إلى مدرسة أخرى؟
1. مشاعر الطفل:
قد يعاني الطفل عند ترك المدرسة من مشكلات نفسية مثل قلق فراق معلميه وأصدقائه وينعكس عليه وعلى صحته النفسية انعكاساً سلبياً؛ لذا يجب قبل الإقدام على هذه الخطوة التحدث إلى الطفل ومعرفة مخاوفه بدقة المتعلقة بترك مدرسته، وإقناعه بأهمية تغيير المدرسة من أجل أن يصبح شخصاً أفضل وما هي الأشياء الجديدة التي سوف يجدها في مدرسته الجديدة وسوف يحبها أيضاً، فمن الضرورة إشعار الطفل بالأمان والراحة التي سوف يحصل عليها في المدرسة الجديدة.
2. علاقات الطفل الاجتماعية:
يقضي الطفل خلال وجوده في المدرسة ساعات طويلة برفقة أصدقائه؛ إذ يلعب معهم ويمارس النشاطات المدرسية برفقتهم ويشعر بالراحة والأمان لوجوده إلى جانب أفراد قد اعتاد عليهم، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المعلم، فبعض الأطفال إن لم يكن كلهم يرون المعلم القدوة التي يجب الاقتداء بها ويحبونه إلى درجة مبالغة فيها أحياناً.
في كلتا الحالتين؛ أي خسارة الطفل لأصدقائه أو للمعلم الذي يحبه سوف تمثل مشكلة جدية عنده وتؤثر في نفسيته؛ لذا يجب التروي عند نقل الطفل من المدرسة ومحاولة تسهيل ذلك عليه قدر الإمكان؛ من خلال التأكيد أنَّه سوف يزور أصدقاءه بشكل دائم، وسوف يبقى على تواصل مع معلمه الذي يحبه، وبأنَّ هناك أصدقاء جدد سوف يتعرف إليهم وينسجم معهم، فهذه العملية تتم بشكل تدريجي وشيئاً فشيئاً.
3. جودة التعليم في المدرسة الجديدة:
يجب البحث عن احتياجات الطفل في المدرسة الجديدة وما هي طبيعة المناهج التعليمية التي تقدمها المدرسة وأساليبها والطرائق التي تعتمدها في تدريس طلابها، وكادرها التدريسي ما هي مؤهلاته؟ وهل يعتمدون طرائق فعالة في التواصل مع أولياء الأمور؟ بالإضافة إلى نوعية النشاطات غير الصفية التي تعتمدها والداعمة لمواهب الأطفال وما إلى ذلك.
ثالثاً: صعوبات تغيير مدرسة الطفل
1. القلق والخوف الذي يصاب به الطفل عند الذهاب إلى المدرسة الجديدة التي يجهل ما يوجد فيها تماماً:
إذ يكون قلقاً من المعلمين الجدد ومن الزملاء وكيف سوف يتعرف إليهم ويتقرب منهم وما إلى ذلك.
2. الانطوائية:
قد يصاب الطفل بالانطوائية نتيجة تغيير المدرسة وابتعاده عن المشاركة في النشاطات المدرسية أو حتى اللعب مع زملائه والميل إلى العزلة والبقاء منفرداً بنفسه.
3. تدني تحصيل الطفل عن المستوى الذي كان به:
قد يكون الطفل من المتفوقين في صفه، لكنَّ تغيير المدرسة قد يسبب تدني التحصيل العلمي للطفل بسبب عدم قدرته على التأقلم أو التكيف مع الزملاء أو المعلمين أو طريقة التعلم.
4. تعرض الطفل لخطر التنمر المدرسي.
شاهد ايضاً: 10 طرق لتعزيز ثقة الطفل بنفسه
رابعاً: ما هي الحلول للمشكلات التي تنشأ نتيجة تغيير مدرسة الطفل؟
توجد مجموعة من الخطوات التي يمكن اتباعها للتغلب على المشكلات التي تنشأ عند انتقال الطفل من مدرسته إلى مدرسة جديدة، فالمدرسة هي البيت الثاني الذي يجب أن يشعر به الطفل بالراحة والأمان والهدوء؛ فيمكن مثلاً:
1. عند تفكير الأهل بنقل الطفل إلى مدرسة جديدة يجب عليهم اصطحابه أكثر من مرة إليها:
للتعرف إلى المكان والمسافة التي تفصلها عن المنزل، وما هي الأشياء الموجودة في الطريق التي يمكن أن يستفيد منها الطفل.
2. الخطوة الثانية هي تعريف المدرسة بالطالب الجديد القادم إليها:
عن طريق الترحيب به عبر الإذاعة المدرسية، ومن ثم قيام معلم الصف بالطلب من تلاميذه التعريف عن أنفسهم أمام الطفل الجديد، كما يمكن للمعلم الترحيب به أكثر من مرة خلال أيام متعددة لإكسابه الشعور بالراحة.
3. التحدث دائماً مع الطفل:
وعدم السماح له بالعزلة والابتعاد عن زملائه.
4. الطلب من زملائه إشراكه في اللعب معهم:
بهدف مساعدته على تكوين الصداقات، وهنا يمكن للأهل سؤال المعلم عن الطفل الأقرب إلى ابنهم عند اللعب؛ إذ يمكن دفع ابنهم إلى مزيد من التواصل معه خارج المدرسة أيضاً.
5. يجب على المعلم مساعدة الطفل على معرفة الموضوعات التي تم نقاشها في الفصل:
كما يجب إعطاء الطفل ملخصاً عن كل مادة وما تم إنجازه فيها حتى وصوله ليستطيع مواكبة العملية التعليمية وتحقيق الاندماج المطلوب.
6. إشراك الطفل في النشاطات الصفية:
خلال الدرس وتشجعيه خلال ذلك.
7. قيام كل من المرشد النفسي والمرشد الاجتماعي في المدرسة بالحديث مع الطفل:
بشكل يومي خلال الفترة الأولى من وصوله من أجل الاستماع له ومساعدته على التأقلم مع الجو الجديد.
8. زيارة أولياء الأمور إلى المدرسة:
والسؤال بشكل دائم عن وضع ابنهم في المدرسة وسلوكه والتحديات التي تواجهه لتذليلها رويداً رويداً.
9. قيام الأسرة بتبادل الحوار والاستماع لطفلهم ويومياته ضمن المدرسة:
وما هي الأشياء التي قام بها وما هي الأشياء التي يريد أن يحصل عليها ضمنها، كما يمكن الطلب من الطفل أن يحدِّثهم عن تجربته الجديدة وما هي الأشياء التي أحبها، فمن خلال تلك الأحاديث يمكن للأسرة معرفة المشكلات التي تواجه طفلهم والمخاوف التي يشعر بها والعمل على حلها.
10. قيام الأسرة بمرافقة ابنهم من وإلى المدرسة:
خلال الفترة الأولى، فذلك يمنحهم الشعور بالأمان.
11. تأمين بيئة جيدة للطفل ضمن المنزل:
من خلال إعداد برنامج خاص به يتضمن ساعة الاستيقاظ وساعة النوم وساعات الدراسة والنظام الغذائي أيضاً.
12. قيام الأسرة باصطحاب الطفل إلى رؤية أصدقائه في مدرسته القديمة خلال أيام العطلة.
13. يجب على الأسرة مراقبة الطفل بشكل دائم:
وعند ملاحظة أي سلوك غريب مثل ميله إلى العزلة أو تزايد الخجل أو غيرها من الانفعالات الحادة كالغضب والسلوك العدواني، مراجعة الطبيب النفسي الاختصاصي لتدارك المشكلة قبل تفاقمها.
في الختام:
إنَّ فكرة تغيير المدرسة وانتقال الطفل إلى مدرسة جديدة ليس بالأمر السهل أو القضية البسيطة؛ إذ يمكن أن يكون عرضة للإحساس بالغربة ضمن البيئة المدرسية الجديدة، وكذلك تنتابه مشاعر الخوف والقلق، وربما الخجل والانطوائية والعديد من التغييرات السلوكية والمزاجية الأخرى، والتي يمكن أن تنتج عنها المشكلات والعقد النفسية التي تؤثر في مستقبل الطفل واستقراره النفسي والاجتماعي.
لذا لا يجب مفاجأة الطفل بعملية نقله؛ بل يجب التخطيط لها بشكل جيد وقبل فترة ترك المدرسة والانتقال بوقت جيد أيضاً؛ من أجل ضمان سلامة الطفل وصحته النفسية ومساعدته على التأقلم مع المدرسة الجديدة.
المصادر: 1،2،3