التدريس والتعلم

التعليم التبادلي: طريقة هامة في التدريس


توجد مجموعة من الاستراتيجيات التدريسية التي تساعد الطلاب على اكتساب المهارات المعرفية، ومن أهمها استراتيجية التعليم التبادلي، وهي إحدى استراتيجيات التدريس التفاعلية التي تعمل على تحسين استيعاب الطلاب وزيادة إدراكهم لما يعرفون وما ينقصهم معرفته، وكيف يمكن لهم ربط المعارف التي يتعلمونها اليوم بمعارفهم السابقة في بناء واحد.

يقوم التدريس التفاعلي على فكرة رئيسة وهي التفاعل الاجتماعي في الصف؛ إذ يعتمد اعتماداً أساسياً على المشاركة والتعاون بين المتعلمين والمعلمين بالاعتماد على مجموعة من المهارات، ويبقى للمعلم دور المقيم مع تقديم التغذية الراجعة.

تتحمل التربية المسؤولية الكاملة عن تطوير إمكانات المتعلمين، وجعل مشاركتهم إيجابية، وتنمية قدراتهم على استخلاص استراتيجيات مناسبة للتعلم، وتنشيط معارفهم السابقة وتوظيفها في مواقف التعلم الجديدة، وإبعادهم قدر المستطاع عن الاعتماد على غيرهم وتلقي الدعم الخارجي من الآخرين في التخطيط والتنظيم والتعلم الأمر؛ الذي يؤدي إلى الانخفاض في تحصيلهم الدراسي.

إذ إنَّ استخدام أسلوب التعليم التبادلي في التعليم سمح بانتقال مسؤوليات كثيرة من المعلم إلى المتعلم، وأثبت أثره الكبير في تطوير قدرات التلاميذ وتهيئة ذهنهم وتطوير تفكيرهم وجعلهم محور العملية التعليمية.

مفهوم استراتيجية التعليم التبادلي:

إذا ما عدنا إلى التاريخ نجد الجذور الأولى لاستراتيجية التعليم التبادلي في الفكر الإغريقي، ولكنَّه تجلى بوضوح في كتابات “جون ديوي”، الذي بيَّن أنَّ مهمة المعلمين يجب أن تكون تحريك دوافع المتعلمين لكي يعملوا بتعاون ويشاركوا في التعلم عبر انتظامهم في مجموعة صغيرة وبالشكل الذي يصبح معه التعلم الصفي مرآة تعكس الحياة في المجتمع.

هذا النمط من التعلم سوف يكسبهم نماذج جديدة من التفكير؛ وذلك من خلال تفاعلهم وحوارهم ودخولهم في النقاشات مع زملائهم ضمن الصف الواحد، وتُعَدُّ هذه الاستراتيجية بديلاً مناسباً عن التدريس المباشر.

توضيحاً لمفهوم التعليم التبادلي يرى “حسن زيتون” أنَّ التدريس التبادلي هو نشاط تعليمي يأخذ شكل حوار بين المدرسين والطلاب، أو بين الطلاب مع بعضهم بعضاً بحيث يتبادلون الأدوار طبقاً للاستراتيجيات الفرعية المتضمنة “التنبؤ والتساؤل والتوضيح والتلخيص”؛ بهدف فهم المادة المقروءة والتحكم بهذا الفهم عن طريق مراقبته وضبط عملياته، كما يعرِّفها بأنَّها نشاط تعليمي يستخدمه الإنسان في معالجة المشكلات وتقصيها بمنهجية علمية منظمة والوصول إلى حلول لها.

ترى “نعيمة حسن أحمد” بأنَّه نشاط تعليمي يهدف إلى تدريب الطالب على الحوار الفكري المتعلقة بالنص العلمي مستعيناً بأربعة نشاطات معرفية وما وراء المعرفية هي “التلخيص وتوليد الأسئلة والتوضيح والتنبؤ”.

يقول “جودت أحمد سعادة” إنَّه ذلك النمط من التفكير الذي يعتمد على الأسلوب العلمي أو وجهات النظر العلمية مثل الواقعية والطبيعية والتربوية والتجريبية والإيجابية.

أهمية أسلوب التدريس التبادلي في التعليم:

إنَّ استخدام استراتيجية التدريس التبادلي تعود بالنفع بالدرجة الأولى على الطلاب الذين يمثلون أساس العملية التعليمية؛ إذ يساعد على الفهم العميق وتحسين مهارات التساؤل، كما يزيد من فرص تحقيق الدافعية وزيادة التحصيل الدراسي والعمل الجماعي والتعاون والقدرة على الحوار وإدارته واستنباط المعلومات واستخلاصها من المواد الدراسية.

إضافة إلى العديد من المهارات الأخرى التي تزيد من التمكن المعرفي والعلمي والبعد عن المراهقة الفكرية وتدريب الطلاب على تجنب الفشل وزيادة الثقة بأنفسهم، وربط ما يتعلمونه بحياتهم اليومية، ومن ثمَّ يسهم في إدخالهم إلى الواقع العملي وتهيئة فرص الإبداع والابتكار لهم وتشجيعهم على التعلم الذاتي، كما أنَّها تضفي المرح على عملية التعلم.

الاستراتيجيات التي يتضمنها التعليم التبادلي:

استراتيجية التنبؤ:

يُقصد بالتنبؤ تخمين الطالب عن توقعاته التربوية لما يمكن أن يتضمن هذا العنوان من أفكار أو يعالجه من قضايا؛ إذ يتم تنشيط الخلفية التي يحملها الطالب عن الموضوع المقدَّم، ويصوغ فروض محددة عن ذلك الموضوع متوقعاً ما يمكن للمؤلف أن يقوله في هذا الموضوع، وهنا يمكن للمعلم التدخل لمساعدة الطلاب على صياغة فروضهم؛ وذلك من خلال قراءة الموضوع الرئيس لهم وكذلك الموضوعات الفرعية وقراءة بداية كل فقرة.

الاستعانة بالأسئلة التي يطرحها الموضوع واختيار بعض الجمل من ضمن الفقرات لتحفيزهم وزيادة دافعيتهم، وأيضاً الاستعانة بالصور عند وجودها وملاحظة الأسماء والجداول والأعداد والتواريخ.

شاهد بالفديو: 7 خطوات لجعل التعلم الذاتي فعالاً

 

توليد الأسئلة:

هذه المرحلة أعلى من المرحلة السابقة لفهم نشاطات الدرس، وهنا يجب على الطالب طرح العديد من الأسئلة التي يحصل عليها من ضمن النص المطروح أمامه؛ إذ يحدد الأسئلة الرئيسة والهام هو معرفة أجوبتها ويفرق بينها وبين الأسئلة الثانوية التي لن تُحدث فرقاً كبيراً في فهم الموضوع إذا لم يتم الحصول على أجوبتها.

طرح الأسئلة من الأساليب الفعالة في استثارة التلاميذ وتحسين فهمهم وزيادة انتباههم وتذكُّرهم للمعلومات، كما تُعَدُّ الأسئلة الذاتية طريقة يستطيع الطالب من خلالها مراقبة فهمه للموضوع؛ إذ يحلل الموضوع ويربطه بمعارفه السابقة ويقوم بتقييمه.

يمكن للمعلم هنا أن يوضح لطلابه أنَّهم يستطيعون استخدام مجموعة من أدوات الاستفهام للاستعلام عن المعلومات السطحية مثل من، ماذا، أين، متى وأدوات أخرى تُستخدم للحصول على المعاني العميقة مثل لماذا، كيف، هل يجب، هل يمكن، هل كان، هل يشبه، هل يختلف.

التوضيح:

هي العملية التي يهدف الطلاب من ورائها إلى توضيح المفاهيم المجردة أو قضايا محددة يصعب إدراكها أو كلمات صعبة غير واضحة المعنى؛ إذ يسعى الطلاب هنا إلى تحديد أسباب تدنِّي فهمهم للموضوع، فعندما يبدأ الطالب بطرح الأسئلة للاستيضاح، فهذا يعني أنَّه أصبح على دراية وعلم بالعوائق التي تقف حائلاً أمام فهمه الكامل للموضوع.

التلخيص:

يُقصد بالتلخيص قدرة الطالب على تحديد المعلومات الهامة في الموضوع وجمعها في بناء واحد يعطي صورة كاملة عنه، بمعنى التلخيص هو قيام الطالب بإعادة صياغة ما تعلمه باستخدام أسلوبه الخاص، وهذه المهارة تمكنه من تحديد أهم ما ورد فيها من أفكار وتحقيق التكامل في بنائه المعرفي من خلال ربطها بمعارفه السابقة.

توجد مجموعة من الأشياء التي تُعَدُّ بمنزلة معايير ينبغي التأكيد عليها عندما يقوم الطالب بالتلخيص أهمها “عدم تكرار المعلومات، وتحديد المصطلحات الهامة، والتركيز على العناوين الرئيسة والعناوين الفرعية، وحذف المعلومات غير الضرورية، وتحديد الوقت اللازم للتلخيص سواء أكان المطلوب التلخيص شفهياً أم كتابياً”؛ بمعنى يجب على المعلم توضيح المطلوب من الملخص.

أسس ومبادئ التعليم التبادلي:

  • التعليم التبادلي مسؤولية مشتركة بين الطلاب والمعلم.
  • تنتقل المسؤولية شيئاً فشيئاً وتدريجياً للطلاب.
  • العمل التعاوني أساس تطبيق هذه الاستراتيجية، فيجب على المعلم أن يتأكد من اشتراك جميع الطلاب في تطبيق النشاطات.
  • يجب على الطلاب التذكر باستمرار الاستراتيجيات الرئيسة والمتضمنة في التدريس التبادلي “التنبؤ والتساؤل والتوضيح والتلخيص”.

ما هو دور المعلم في استراتيجية التعليم التبادلي؟

  • تقسيم الطلاب في الصف إلى مجموعة عمل صغيرة يتراوح عدد الطلاب في كل منها 3 إلى 6 طلاب.
  • امتلاك القدرة على تشخيص قدرات المتعلمين ومهاراتهم، وذلك بهدف تقديم المساندة لهم وقت الحاجة قبل خروجه من المجموعات.
  • مراقبة عمل المجموعات بعد خروجه منها للتأكد من سير كل شيء على ما يرام.
  • تعزيز المواقف التعليمية الصحيحة وتصحيح مسار الخاطئة منها.

في الختام:

يتأثر المتعلم بالطريقة أو الاستراتيجية التي يعتمدها المعلم في التدريس، ومن ثمَّ فهو يتأثر تأثراً سلبياً أو إيجابياً بتلك الاستراتيجية، ومن الأساليب التي تُستخدم في التعليم وتترك أثرها الإيجابي في المتعلم هو أسلوب التدريس التبادلي؛ إذ يُعَدُّ التعليم التبادلي من استراتيجيات ما وراء المعرفة التي تقوم على التعاون والمشاركة الفعالة بين المعلم والطلاب، تتجلى بطرح الأسئلة خلال المناقشات الصفية بالاستناد إلى أربع مراحل رئيسة هي “التنبؤ والاستفسار والتوضيح والتلخيص”.

يتم الاعتماد على هذا النوع من التعليم بهدف التقليل من الجهد الذي يبذله كل من المعلم والطلاب، وكذلك الجهد الذي يبذله الطلاب مع بعضهم بعضاً، وممارسة هذه الاستراتيجية ذات أهمية بالغة؛ إذ تنمي المهارات الذاتية للتلاميذ وتزيد من دافعيتهم للتعلم وتعمل على إكسابهم مهارات التفكير من مهارة صياغة الأسئلة وطرحها واستخلاص النتائج الهامة وتنمية القدرة على التنبؤ وزيادة القدرة على العمل الجماعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى