التدريس والتعلم

هل يحل الروبوت محل المعلم؟


تفسير ذلك هو أنَّ الجهاز الذكي “الحاسوب أو الهاتف المحمول” قادر على توقع اهتماماتك من خلال استخدام خوارزميات معينة وتجميع بيانات عما تقوم بالبحث عنه عموماً.

هل تخيلت يوماً أنَّ ثمة روبوتات تتحرك أمامك في المدرسة أو الجامعة تقوم بالأعمال والمهام الإدارية والمكتبية أو تساعد المعلمين وتشرح لك الدروس والمحاضرات؟

نعم، لقد دخلت التكنولوجيا كل مناحي حياتنا اليوم، ومنها قطاع التعليم؛ إذ بدأ يظهر نظام التعلم عن بُعد أو التعلم الإلكتروني، واعتماد الطالب على البحث على شبكة الإنترنت، واستخدام الحاسوب والأجهزة اللوحية، لكن كل هذه التطورات قد تصبح بدائية وتفقد بريقها أمام “الذكاء الاصطناعي” الذي قد يجعلنا نتعامل مع روبوتات، فهل يمكن أن يحل الروبوت محل المعلم الحقيقي؟

أولاً: تعريف الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)

الذكاء الاصطناعي هو فرع من فروع علوم الحاسبات، وهو قدرة الحاسوب والآلات على محاكاة قدرات العقل البشري والتصرف والفهم والتعلم بذكاء شبيه بالإنسان، فهو العلم الذي يجعل الآلة تفكر مثل البشر؛ أي تصبح آلة لها عقل.

يعتمد الذكاء الاصطناعي على مبدأ وضع “المعارف البشرية” ضمن الحاسوب وهي ما تُعرف بـ “قواعد المعرفة”، بحيث يتمكن الحاسوب من خلال أدواته البرمجية من البحث والمقارنة والتحليل في هذه القواعد لمعالجتها واستنتاج الأجوبة والحلول في المواقف والحالات المختلفة، وهذا يتشابه مع تصرف الإنسان عندما يتعرض للمواقف والمشكلات التي تصادفه؛ إذ يقوم بحلها والتصرف بناءً على تجاربه وخبراته السابقة واستنتاج أفضل الحلول.

مجالات تطبيقات الذكاء الاصطناعي:

صناعة الكلام، الأنظمة الخبيرة، تمييز الحروف، معالجة اللغات الطبيعية، الألعاب، الإنسان الآلي “الروبوت”، نظم دعم القرار، تمييز النماذج والأشكال، التعليم والتعلم.

ومن أبرز الأمثلة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي العمليات التي تقوم بها الأجهزة الرقمية والتي تعتمد على وجود الذكاء الاصطناعي، مثل التشخيص الطبي واكتشاف البراهين الطبية للنظريات الرياضية، ولعب الشطرنج، والتعرف إلى الصوت أو خط اليد، ومحركات البحث على الشبكة والأقمار الصناعية، والروبوتات التي تقوم بوظائف خدمة الزبائن، والخوارزميات التي تحلل الأسهم في السوق المالية، وتقنيات التعرف إلى الوجه، والساعة الذكية التي تَعُدُّ الخطوات للاهتمام باللياقة البدنية.

شاهد بالفيديو: أهمية التعليم عن بعد

 

ثانياً: إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

تتمثل إيجابيات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم فيما يأتي:

1. مساعدة المعلمين:

يساعد الذكاء الاصطناعي المعلمين على أتمتة أعمالهم الروتينية ومهامهم اليدوية، مثل تصحيح الامتحانات وتقييم الواجبات وتسجيل الحضور والغياب وتوزيع الدرجات التي تستهلك وقتاً كبيراً، وهذا يجعل المعلم يتفرغ لما هو أهم وهو “التركيز على الطالب”.

2. مساعدة الطالب:

تتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي إمكانية التعلم الذاتي للطالب واستكشاف المعلومة والوصول إليها في أي وقت دون انتظار المعلم.

3. تقديم الدروس:

يمكن أن تستكمل الروبوتات المتخصصة دور المعلمين في تقديم الحصص الإضافية لتقوية الطلاب وحل مشكلة قلة المعلمين، إلا أنَّها غير قادرة على تدريس الكثير من الموضوعات والمواد بفاعلية الإنسان.

4. المرونة في الدراسة:

توفر تطبيقات الذكاء الاصطناعي المرونة للطالب في الدراسة؛ إذ يمكنه اختيار الوقت الذي يناسبه والوصول إلى المحتوى الذي يريد على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع بما يتناسب مع سرعته وقدرته دون الرجوع إلى المعلم أو تكبد نفقات السفر أو المعيشة.

5. تحديث المناهج:

تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي على تحديث المناهج بشكل تلقائي وسريع التي هي عادةً عملية معقدة وتحتاج إلى وقت طويل.

6. التفرغ للطالب:

يحتاج الطلاب الأطفال إلى اهتمام وجهد كبيرين من المعلم والأهل لتعليمهم المبادئ الأساسية في القراءة والكتابة، وهذا ما يشكل ضغطاً على المعلمين والأهالي وخاصةً عندما يكون وقتهم ضيقاً، بينما يتيح الذكاء الاصطناعي توفير “المُساعد الذكي” الذي يتفرغ للطالب في كل وقت وفي كل مكان.

7. مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة:

تساعد تطبيقات الذكاء الاصطناعي ذوي الاحتياجات الخاصة مساعدةً كبيرةً من خلال تخصيص برامج ومواقع توفر لهم احتياجاتهم التعليمية وتسهِّل عليهم عملية التعليم من خلال تقنيات خاصة بهم.

8. أتمتة الدرجات والتقييم:

يمكن الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أتمتة درجات وتقييم الطلاب من خلال الروبوت أو الآلة التي تقوم بتحليل إجاباته وردود أفعاله ورسم خطة التدريب المناسبة له، وفي النهاية إخبار الطالب بعلامته، وتقضي هذه التقنية على الخطأ والمحاباة في تقييم الطلاب.

9. التغذية الراجعة للمعلم:

يمكن للمعلم أن يحصل على تغذية راجعة من الطلاب عن تقييم مستواهم واحتياجاتهم وملاحظاتهم، من خلال تقنيات الدردشة مع روبوتات الذكاء الاصطناعي التي ترصد أبعاد المحادثة وترصد إجابات الطالب لتقييم مستواه.

10. الوسطاء الافتراضيون:

تم تطبيق تجربة الوسيط الافتراضي في “معهد جورجيا للتكنولوجيا”؛ إذ تم استخدام روبوت يدعى “جيل واتسون” لمساعدة الطلاب وتقديم لهم ما يحتاجونه من إجابات دقيقة.

11. التعليم الشخصي:

استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تحديد نقاط الضعف لدى الطالب والعمل على تقويتها وتلبية احتياجات كل طالب بتقديم ما يحتاجه من برامج تعليمية خاصة به.

12. الحصول على إجابات سريعة:

من أكثر المواقف المحبطة للطالب هي انتظاره للحصول على إجابة عن سؤاله، وهذا ما تعالجه تطبيقات الذكاء الاصطناعي من خلال ميزة الردود السريعة.

13. إتاحة التعليم عن بُعد:

يتيح الذكاء الاصطناعي للطالب فرصة التعليم عن بُعد في جميع أنحاء العالم، والمشاركة في الدورات والبرامج التدريبية المختلفة، من خلال المنصات المتاحة على شبكة الإنترنت.

ثالثاً: عيوب استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم

يتمثل استخدام عيوب الذكاء الاصطناعي في التعليم بما يأتي:

  1. اختصار العملية التعليمية بين الروبوت والطالب، وهذا يعني إلغاء التدريس وجهاً لوجه والتفاعل الحقيقي بين المعلمين والطلاب، وهذا قد يسبب نقصاً في مهارات التواصل الاجتماعي لدى الطالب والقدرة على تكوين العلاقات.
  2. ارتفاع تكاليف تنفيذ تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم.
  3. البطالة وخسارة المعلمين أو موظفي قطاع التعليم لبعض الوظائف.
  4. التعرض لاحتمالية الاختراق والنسخ الذاتي للفيروسات التي تغزو الروبوتات.
  5. إصابة الطالب بالملل نتيجة تعامله مع التطبيقات والآلات.
  6. تعرُّض الآلة لفقدان البيانات نتيجة ضرر ما، وهذا يجعلها غير قادرة على ربط المعلومات واسترجاعها مثلما يفعل البشر.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح فعالة للمتعلمين عبر الإنترنت

 

رابعاً: أمثلة عن تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التعليم

1. (iTalk2learn):

(iTalk2learn) تطبيق تعليمي للرياضيات، ميزته أنَّه مفتوح المصادر ويركز على التسلسل التكيفي؛ أي أن تكون الدروس بناءً على قدرة الطالب، والتعرف إلى الصوت.

2. (Thinkster Math):

(Thinkster Math) تطبيق تعليمي يعتمد على دمج منهج الرياضيات الحقيقي مع أسلوب التعليم الشخصي لكل طالب؛ فيتم تعيين معلم خلف الكواليس لكل طالب يقوم بمتابعة خطوات تفكيره خطوةً بخطوة، والهدف من ذلك هو مساعدة الطالب عندما توقِفه مشكلة وإعطاؤه تغذية راجعة، ويفيد التطبيق في تعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الطالب.

3. (Brainly):

منصة (Brainly) تعمل مثل شبكات التواصل الاجتماعي؛ إذ تربط الطلاب من جميع أنحاء العالم مستخدمةً تقنيات الذكاء الاصطناعي المتعلقة بأسئلة الفصل الدراسي، بحيث يتمكن الطالب من طرح الأسئلة عن الواجبات المدرسية والحصول على إجابات تلقائية، وهذا يحقق تعاون الطلاب فيما بينهم للتوصل إلى الإجابات الصحيحة.

4. (Coursera) و(edX):

منصات (Coursera) و(edX) تقوم بتقديم دورات مفيدة في مختلف المجالات، يُدرِّسها أساتذة من أفضل الجامعات العالمية، وتستخدم هذه المنصات خوارزميات الذكاء الاصطناعي في تقييم سلوك كل طالب ومدى تقدمه، ومن ثمَّ تزويده بالدورات والدروس المناسبة له.

5. (SmartEd):

يوفر (SmartEd) للطالب إمكانية تخصيص محتوى الكتب المدرسية والمواد العلمية بسهولة حسب احتياجاته، إضافة إلى إمكانية وضع المحتوى الخاص به في محتوى جذاب، كما يوفر التطبيق منصة للتعاون والتفاعل بين المعلمين والطلاب.

6. (Mika):

يوفر تطبيق (Mika) فرصة وجود معلم افتراضي شخصي للطالب يتناسب مع احتياجاته ويساعده على تقديم الملاحظات الفورية.

7. (Front Row):

يقوم تطبيق (Front Row) بشكل تلقائي بإنشاء دروس لكل طالب في الرياضيات أو العلوم أو الدراسات الاجتماعية، ويتيح له العمل على مستوياته الخاصة، ويقدم تقارير عن أدائه ونسبة تقدمه.

8. (Netex Learning):

يمكن للمعلمين من خلال منصة (Netex Learning) تصميم المنهج التدريسي عبر أجهزة رقمية عدة، ودمج عناصر تفاعلية كالصوت والصورة والتقييم الذاتي في التخطيط الرقمي لدرسهم.

في الختام: هل يحل الروبوت محل المعلم؟

الذكاء الاصطناعي هو المستقبل القادم لكل تفاصيل ومجالات الحياة بكل تأكيد بما في ذلك قطاع التعليم، لكن يبقى التعليم له خصوصيته، ويبقى للعنصر البشري مكانة وتأثيراً في صميم وظيفة التعليم؛ لذا من الأفضل أن تكون تطبيقات الذكاء الاصطناعي وسيلة مساعدة ومُكمِّلة للعملية التعليمية التقليدية، بحيث تقل العمليات الروتينية وتتطور مهارات الطالب ويتحسن استيعابه وقدراته، وتمنح المعلم مزيداً من الوقت والتفرغ للطلاب، وتضمن جودة التعليم ومخرجاته.

يقول “توني بيلبايمي” أستاذ علم الروبوتات بجامعة “جنت” البليجيكية: “إنَّ الروبوت لن يحل محل المعلم على الإطلاق؛ وذلك بسبب عدم قدرته على محاكاة قدرات ومهارات المعلم بشكل كامل”، ويضيف: “إنَّ أولياء الأمور لن يوافقوا على أن يصبح تعليم أطفالهم مسؤولية الروبوتات بشكل كامل”.

إذن نصل في ختام مقالنا إلى نتيجة مفادها أنَّ الذكاء الاصطناعي أمر في غاية الأهمية والإبداع، ولكنَّه لن يضاهي الذكاء الفطري الطبيعي، كما أنَّه يفتقر إلى العاطفة والمشاعر الإنسانية التي هي أجمل ما في الحياة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى