التدريس والتعلم

أهمية الاستمرار في التعلم مدى الحياة


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب “داريوس فوروكس” (Darius Foroux)، ويخبرنا فيه عن أهمية الاستمرار في التعلم مدى الحياة.

قلت لنفسي: هذا رجل ثري، وله اسمه، ولديه كل شيء، فلماذا يسأل عن رأيي في كل شيء؟ وما الذي يمكن أن أضيفه إلى الخبرة التي يمتلكها؟

اعتقدت في البداية أنَّه كان يحاول فقط أن يجعلني أشعر بأهميتي، فهذه استراتيجية شائعة يستخدمها بعض الأشخاص للتأثير في الآخرين، لكن بعد فترة، لاحظت أنَّه طلب رأي الجميع، وكان مهتماً ويصغي لي بالفعل، حتى أنَّه أخبرني أنَّ أفضل أفكاره جاءت من أشخاص يسألهم عادة.

عندما أصبحنا أصدقاء بمرور الوقت، وأصبح منتوراً لي، كنت أتساءل دائماً لماذا ظل يسأل الجميع عن آرائهم ونصائحهم؛ لذا قبل عامين تقريباً، سألته: “لماذا تسأل الجميع دائماً عن آرائهم ونصائحهم؟ فأنت شخصٌ ناجحٌ جداً”.

فقال: “لا أعرف من قال هذه العبارة، لا بدَّ من أنَّه رجل ذكي؛ لكنَّه قال شيئاً من هذا القبيل: سر الرجل الناجح هو أنَّه يرى نفسه دائماً طالباً يتعلم من الآخرين”، وفي ذلك الوقت، لم يكن لديَّ أيَّة فكرة ممن كان يقتبس عبارته، لكن قبل بضعة أسابيع، عندما كنت أتصفح تطبيق غود رييدز (Goodreads) بحثاً عن اقتباسات جديدة، لفت انتباهي هذا الاقتباس:

“هل تعرف سر المُثقَّف الحقيقي؟ في كلِّ رجل شيء يمكنني أن أتعلم منه، وبهذا أكون أنا تلميذه” الأديب الأمريكي رالف والدو إيمرسون ( Ralph Waldo Emerson)، وأخيراً فهمتُ ما كان يُحيرني: إنَّ منتوري شخصٌ ناجح لأنَّه ظل يرى نفسه طالباً حتى بعد كلِّ النجاح الذي حققه.

على سبيل المثال، حصل على بعض أفضل النصائح من زوجة شريكه في العمل، وتعلَّم كثيراً عن الاستثمار من أحد أصدقائه في لعبة الجولف، هذا غريب، أليس كذلك؟

شاهد بالفيديو: كيف تتعلم باستمرار لتطور نفسك وتنمي قدراتك؟

 

أهمية الاستمرار في التعلم مدى الحياة:

يعتقد بعض الناس أنَّهم بمجرد بلوغهم مستوى معين، يجب عليهم الكف عن مناقشة من هم أدنى منهم مكانة؛ وبعض الناس لا يتحدثون إليهم إطلاقاً، ناهيك بطلب المشورة منهم، وقد واجهنا جميعاً هذا النوع من الأشخاص، المديرون الذين يعتقدون أنَّهم أعلى مرتبة من البقية، أو الأشخاص الحاصلون على شهادات علمية متقدمة، ويعتقدون أنَّهم أذكى ممن ليس لديهم شهادة.

إنَّ بعض الناس الذين يمتلكون منصباً أو شهادة علمية أو مالاً أكثر من غيرهم، لا يفضلون التعلم من الآخرين الذين ليسوا من “مستواهم”، وهذه أكبر حماقة تحدث يومياً، فأنا أرى ذلك طوال الوقت، وليس فقط في حالات العمل، لكن في كل مكان، وتلاحظ ذلك في الشركات الكبرى؛ إذ لا تتحدث فيها الإدارة العليا أبداً مع الأشخاص من المستوى الأدنى، وفي الحياة الاجتماعية ينظر الأشخاص الذي التحقوا بالجامعة نظرة دونية إلى الأشخاص الذين لم يلتحقوا بالجامعة.

بالنسبة إلي، من الغريب أن يدعي معظم الناس أنَّهم مواظبون على التعلم؛ لكنَّهم يتجاهلون تماماً فكرة التعلم من الآخرين، تصفَّح موقع تويتر (Twitter) فقط، وسترى معظم الأشخاص الذين كتبوا في ملفاتهم الشخصية شيئاً يتعلق بالمواظبة على التعلم طوال الحياة، وهذا رائع، يجب علينا جميعاً الاستمرار في التعلم إلى الأبد، لكن لماذا لا تتعلم من جميع الناس؟

هل سبق لك أن طلبت نصيحة مالية من شخص لم تفكر فيه أبداً؟ ربما يبلغ من العمر 16 عاماً؟ إنَّها مجرد فكرة، فمنذ سنوات، عندما سألني منتوري أسئلة عن الاستثمار، والتعامل مع الناس والتسويق والاستراتيجية ومعظم الأشياء الأخرى التي تحدثنا عنها، كان يعلم جيداً أنَّني حديث التخرج.

بالطبع كان يعلم؛ لكنَّه لم يهتم، كان مهتماً حقاً بما سأقوله، ونعم 99% من الأشياء التي تحدثت عنها ربما لم تكن هامة، لكن عندما تريد أن تنمو وتتطور، فإنَّك تنمو نموَّاً ضئيلاً وثابتاً.

“لكن طلب النصيحة من الناس سيجعلني أبدو غبياً”:

إنَّ غرورك هو من يتحدث نيابة عنك، صدِّقني لن تبدو غبياً إذا طرحت الأسئلة، وفي الحقيقة، إنَّ خلاف ذلك هو الصحيح؛ فمعظم الأشخاص الأذكياء الذين أعرفهم، يسألون فقط الأسئلة، ولا يضعون افتراضات.

مارست عادة منتوري في سؤال الجميع عن آرائهم ونصائحهم، وقد أعطاني الناس كثيراً من الأفكار الجديدة للمقالات والأعمال والتسويق، إضافة إلى ذلك، أصبحت أيضاً صديقاً مع أشخاص فقط من خلال طرح سؤال واحد عليهم.

في الختام:

ماذا ستخسر؟ اسأل الشخص التالي الذي تقابله عن شيء يدور في ذهنك، جربها، لكن لا تتفاجأ إذا حصلت على إجابة رائعة، وإذا لم تحصل على إجابة رائعة، فلا تقلق، اسأل شخصاً آخر فقط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى