التدريس والتعلم

كيف يستغل الإنترنت دماغك ليبقيك بعيداً عن التعلم؟


ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب “تايلر ترفورين” (Tyler Tervooren)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية استغلال الإنترنت لدماغك ليبقيك بعيداً عن التعلم، وكيفية إصلاح الأمر في 10 دقائق.

كان أول مكان لجأت إليه هو الإنترنت بالطبع؛ لكنَّني وجدت المئات من الدروس، بعضها كان بسيطاً وبعضها الآخر أكثر تعقيداً، وسألت نفسي مراراً: “أي درس منهم عليَّ أن أتبع؟ وهل يمكنني فعل ذلك حقاً؟”؛ إذ يبدو الأمر أكثر تعقيداً الآن.

لقد قضيت يوماً كاملاً أتأكد من أنَّني أصلح المشكلة على نحو صحيح وقضيت فترة أطول بكثير ممَّا كنت أخطط له، ولاحقاً أدركت أنَّ هذا يحدث طوال الوقت، وبدأت بالتحدث إلى الأصدقاء الذين يعانون المشكلة نفسها؛ أي المشكلات البسيطة التي يمكن حلها بالحدس وقليل من التجربة وارتكاب الأخطاء؛ لكنَّها تصبح معقدة للغاية بمجرد البحث عن الحلول في الإنترنت، ولإثبات وجهة نظري قمت بتسجيل نتائج البحث لبعض الموضوعات المختلفة التي أجدها ممتعة:

  1. كيف تصبح رائد أعمال: 254 مليون نتيجة خلال 48 ثانية.
  2. طريقة لعب الجولف: 775 مليون.
  3. كيف تكون والداً: 909 مليون.
  4. كيفية تغيير المهن: 1.8 مليار.
  5. كيفية التغلب على الإرهاق: 2.4 مليون نتيجة.

كيف قمنا بتربية الأطفال قبل أن توجد 909 مليون صفحة ويب مختلفة لتخبرنا كيف نفعل ذلك؟ عندما تجرب شيئاً جديداً فإنَّ عقلك يريد معلومات مثالية للتأكد من أنَّك تنجز الأمر على نحو صحيح، لكن توجد العديد من الطرائق لحل المشكلة نفسها والبحث عن مساعدة من مصدر كبير مثل الإنترنت يكشف معظمها وفجأة تشعر بالخوف وعدم اليقين والشك.

على الرغم من أنَّ الإنترنت رائع؛ لكنَّ عقلك لا يجيد معاملة كمية كبيرة من المعلومات المتضاربة، على الأقل ليس على نحو طبيعي؛ إذ يصبح مرتبكاً، ولحسن الحظ بعض التغييرات على كيفية البحث عن المعلومات من شأنها إصلاح هذه المشكلة واستعادة الوقت كله الذي كنت تقضيه في التشكيك بنفسك، فإذا واجهت صعوبة في البدء في مشروع جديد أو شعرت بالإرهاق من مقدار ما تحتاج إلى تعلمه فاستمر في القراءة.

كيف نتعلم الأشياء؟

في الستينيات من القرن الماضي كان مالكوم نولز (Malcolm Knowles) طبيباً وخبيراً تربوياً رائداً في البحث عن كيفية تعلُّم الكبار، لقد اكتشف بعض الأشياء المدهشة عما يحفزنا على التعلم، ولكن ربَّما ليس من المستغرب أنَّه وجد أنَّ أكثر أدوات التعلم فاعلية كانت النهج العملي، وبصرف النظر عن طبيعة المتعلم يمكنك على الأرجح موافقة أنَّك عندما تتعلم شيئاً جديداً وتحاول حل مشكلة صعبة، فإنَّ الأمر ينجح بمجرد أن تبدأ بالتطبيق العملي؛ إذ تصبح المفاهيم المعقدة منطقية، ويصبح حل المشكلات الصعبة أسهل عندما تبدأ في معرفة مدى ملاءمتها للطريقة التي تعيش بها بالفعل.

شاهد: 7 نصائح فعالة للمتعلمين عبر الإنترنت

 

كيف يعوق الإنترنت عملية التعلم؟

إذا كنت أرغب في توفير كثير من الوقت في إصلاح سيارتي فمن المحتمل أن أتجنب البحث في دليل شامل منذ البداية وأبدأ العمل، وإذا وصلت إلى نقطة لم أفهم فيها ما كنت أفعله كان بإمكاني البدء في البحث عن مزيد من التجارب، ولكن بدلاً من ذلك أراد عقلي الشعور بالأمان وعدم المخاطرة، وأراد أن يتأكد من أنَّني سأنجح من البداية على الرغم من أنَّ ضمان النجاح من المحاولة الأولى بعيد المنال في أحسن الأحوال؛ لذا توجهت إلى البحث عن الحل الأمثل حيث يوفر الإنترنت آلاف النتائج؛ ممَّا قادني إلى مزيد من الارتباك.

هذه هي الطريقة التي يعوق بها الإنترنت – أكبر مصدر للمعرفة في العالم – عملية التعلم، ويستغل رغبتك في ذلك؛ لذا تبحث عن الحل الأمثل لأنَّك غير متأكد من قدراتك ولا تريد تعريض نفسك للمخاطر؛ ممَّا يقودك إلى كمية هائلة من المعلومات التي يعارض كثير منها بعضَه، وبعدها تتوقف عن العمل بسبب التردد؛ ممَّا يمنعك من العمل.

يمكنك تغيير ذلك من خلال إجراء تعديلات طفيفة فقط على كيفية البحث عن المعلومات وحل المشكلات، ويمكن بذلك أن يصبح الإنترنت أداة ذات قيمة تعمل بالفعل على تسريع عملية التعلم، وإليك ما يجب فعله:

كيفية إصلاح مشكلة التعلم في الدقائق العشر القادمة:

أنت تعرف الآن الخطأين اللذين تواجههما:

  1. رغبة الدماغ في الحصول على معلومات مثالية.
  2. انخفاض أداء الدماغ عند الحصول على كثير من المعلومات.

إليك ما يمكنك فعله لإصلاح هذه الأخطاء وتسريع عملية التعلم، وبطبيعة الحال فإنَّ أفضل طريقة للقيام بذلك هي من خلال التطبيق العملي؛ لذا استعد للقيام ببعض العمل.

1. التفكير في شيء تؤجل إنجازه:

ربَّما تحتاج إلى إصلاح شيء ما، لكن لا تعرف كيف، أو ربَّما ترغب في بدء مشروع جديد، أو تعلُّم العزف على آلة موسيقية فاكتب ما تريد القيام به.

2. اكتشاف الخطوة الأولى للبدء:

قد تعرف الخطوة الأولى، أو قد تكون شيئاً جديداً عليك البحث عنه فإذا كنت بحاجة إلى ذلك فلا تنظر إلى ما بعد الصفحة الأولى من النتائج، ولا تقم بأكثر من 5 عمليات بحث مختلفة للعثور على المعلومات التي تحتاج إليها؛ إذ يجب أن تكون هذه المعلومات كافية لإرشادك إلى خطوتك الأولى.

3. إغلاق جهاز الكمبيوتر الخاص بك (ولكن ليس قبل قراءة بقية المقال):

سيكون الإجراء التالي هو الابتعاد عن الكمبيوتر واستخدام عقلك دون مساعدة من الإنترنت، فكر في هذا الإجراء الأول الذي ستتخذه، وقم بإنشاء خطة لكيفية البدء به في أقل من 10 دقائق وسيتغير هذا اعتماداً على الهدف الذي تحاول تحقيقه.

4. تكرار الخطوتين 2 و3 في كل مرحلة من مراحل عملية التعلم:

عندما تصل إلى نقطة لا تعرف فيها ما يجب فعله بعد ذلك، ابحث عبر الإنترنت مرة أخرى عن إجابة.

الهدف من هذه العملية هو منح عقلك مجالاً للعمل، فمن خلال تحديد ما تحتاج إليه للبدء، ستحصل على المعلومات المثالية التي تحتاج إليها المتعلقة فقط بالمهمة التي بين يديك، ومن خلال اتخاذ الإجراءات بمجرد حصولك على المعلومات التي تحتاج إليها ستمنع نفسك من البحث عن كثير من الإجابات التي ستؤدي فقط إلى الارتباك والشك.

تذكَّر قد تكون لديك 800 مليون نتيجة في بحثك، ولكن كم منها تحتاج إليه حقاً لتبدأ بالعمل مقابل عدد النتائج التي تحتاج إليها للشعور بالأمان للقضاء على الشعور بالشك؟

في أثناء تكرار هذه الخطوات ستبني الثقة في قدرتك على حل المشكلات؛ ممَّا سيساعدك على تجنب الارتباك عندما يظهر شيء مشابه في المستقبل.

في الختام:

يعد الإنترنت أحد أعظم الاختراعات على الإطلاق للمساعدة في حياتنا وتحسينها، ولكن ما يزال له بعض التأثيرات الجانبية الخطيرة التي يمكن أن تستغل عيوب عقلك التي تمنعك من التعلم والبدء بالعمل، ولحسن الحظ أصبحت تفهم المشكلة الآن.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى