التفوق الدراسي

قلق الامتحان والتحصيل الدراسي وعلاجه عند الأطفال


إنَّ ما حدث مع الطفلة يمكن أن يكون قد حدث معك أو مع صديق أو أخ أو شخص تعرفه معرفة شخصية في محيطك، وإنَّه كما يسميه المتخصصون (قلق الامتحان والتحصيل الدراسي)، هذا النوع من القلق الهائل الذي يستطيع مسح كل ما تم تخزينه في أثناء المذاكرة عند الحاجة إليه في الامتحان، ولمزيد من المعلومات عن قلق الامتحان والتحصيل الدراسي وعلاجه عند الأطفال تفضل بقراءة مقالنا.

ما هو قلق الامتحان والتحصيل الدراسي؟

يعرف قلق الامتحان والتحصيل الدراسي بأنَّه حالة انفعالية تترافق مع التوتر والخوف وتصيب الإنسان في مراحل مختلفة من حياته، وتكون مرتبطة بعمليات التقييم والاختبار والامتحانات، فتظهر على الشخص المُمتَحن علامات عديدة تعكس قلقه، وإنَّ خطر القلق الامتحاني والتحصيل الدراسي يكمن في المراحل المتقدمة منه؛ إذ يتوقف المفعول الإيجابي للتوتر والقلق والاضطراب في كونه محفزاً نحو بذل مزيد من الجهد من أجل اجتياز الامتحانات وتحقيق النجاح، ويبدأ المفعول السلبي له بالظهور، فيتضاعف القلق ويصل إلى مراحل غير طبيعية تمنع حصول الطالب على الاستقرار والهدوء قبل الامتحان أو نتائج التقييم أو خلاله.

لقد تحدَّث المتخصصون وعلماء النفس عن علاقة متينة تربط عملية التعلم بظاهرة القلق، وأظهرت الأبحاث والدراسات التي قاموا بها على عدد من الطلبة أنَّ قسماً لا بأس به منهم قد ظهر مستوى قدراته في أثناء التقييم في الامتحان بشكل أقل مما هو عليه في الواقع بشكل حقيقي، ولقد عزوا السبب في ذلك إلى ظروف ومواقف تحرض لديهم الضغط النفسي والتوتر عند المرور بعملية الاختبار، وهذا يجعل علامات التوتر والاضطراب تظهر عليهم، وهذا ما سمي بقلق الامتحان.

إنَّ الأطفال وفي ظل تدنِّي قدرات الذكاء العاطفي لديهم في المراحل المبكرة معرضون بكثرة للإصابة بقلق الامتحان والتحصيل الدراسي، وهذا ما يفسر قلقهم وتوترهم الشديدين يوم الامتحان على الرغم من تحضيراتهم المثالية له، وهذا يتسبب للأسف بإفقادهم القدرة على الإجابة عن بعض الأسئلة على الرغم من معرفتهم للإجابات أصلاً، كما يفقدهم قلق الامتحان القدرة على التركيز ويسبب لهم النسيان والتشتت.

بناء على ذلك يمكن تعريف مفهوم قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال على أنَّه حالة قلق من الاختبار الذي يخضع أو سيخضع له الطفل، وهو شعور عصبي يشعر به بعض الأطفال في بداية الاختبارات أو قبلها، ومن الجدير بالذكر أنَّ الشعور بالقليل من التوتر والقلق قبل الاختبارات أمر طبيعي، إلا أنَّ الأعراض القوية للقلق التي يحفزها وجود الاختبار والتي تتمثل في انعدام التركيز في الاختبار والتأثير في الأداء فيه وترافُق مشاعر القلق الشديدة بأعراض جسدية كالألم في المعدة والصداع والتعرق والارتجاف وتسرع ضربات القلب هو ما ليس طبيعياً، وفي بعض الحالات يكون قلق الامتحان الحاد سبباً في إفقاد الطالب وعيه وإغماءه أو تقيؤه.

أسباب قلق الامتحان والتحصيل الدراسي:

تتعدد أسباب قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال، وهي في المجمل مجموعة من المحفزات الفكرية التي تولِّد رد فعل سلبي تجاه أشياء سيئة يُتوقع حدوثها، فيتأثر كل من العقل والجسد بذلك، ويؤدي إلى إفراز هرمون الأدرينالين الذي يتسبب وجوده في الدم بحدوث العديد من الأعراض الجسدية مثل خفقان القلب بسرعة وسرعة التنفس والتعرق، وكل ذلك بسبب تركيز تفكير الطفل على أشياء سيئة من الممكن أن تحدث في الامتحان أو بعده أو أحداث سلبية مر بها في السياق ذاته.

في حالة قلق الامتحان والتحصيل الدراسي تكون الأفكار السيئة أو السلبية المتواردة على رأس الطفل من قبيل (ماذا لو لم أستطع تذكر ما أدرسه في الامتحان؟)، (هل من الممكن أن أرسب في الاختبار على الرغم من كل هذا التعب؟)، (ماذا لو لم تأتِ الأسئلة كما أتوقع وجاء في الاختبار كثير من الاستنتاجات والمعلومات السابقة؟)، (إذا لم أحصل على العلامة الكاملة فسأخسر المركز الأول في الصف)، (سيغضب والداي كثيراً إذا فشلت في النجاح في الاختبار).

إنَّ مثل هذه الأفكار وغيرها التي تخطر في بال الطفل بسبب الاختبار تحفز لديه مشاعر القلق الشديد، وتكون في الحقيقة هي جوهر أسباب قلق الامتحان والتحصيل الدراسي، وكلما زاد تركيز الطفل على هذه الأحداث السلبية محتملة الحدوث، فإنَّ قلقه من الامتحان والتحصيل الدراسي سوف يتضاعف، ومن ثم فإنَّه سوف يتشتت عن التركيز في أثناء قراءة الأسئلة والإجابة عنها، ومن ثم سيبلي بلاءً سيئاً في الاختبار.

شاهد بالفديو: نصائح للتغلب على القلق من الامتحانات

 

أعراض قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال:

فيما يأتي مجموعة أعراض قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال، وهي مجموعة الدلالات التي تشير إلى كون الطفل قلقاً بشكل سلبي من الاختبار، ومن أبرزها:

  1. سيطرة أفكار سلبية وسواسية على ذهن الطفل في أثناء الاختبار أو خلال فترة التحضير له تتسبب للطفل بالأرق ومشكلات النوم والتوتر.
  2. اضطراب الأداء المتعلق بالعمليات العقلية مثل التفكير والتذكر والتركيز.
  3. تظهر أعراض قلق الامتحان والتحصيل العلمي عند الأطفال من الناحية الفيزيولوجية على شكل آلام في البطن وضيق في التنفس وتعرُّق غزير وتسارع في ضربات القلب وجفاف الشفتين والحلق.
  4. تظهر أعراض قلق الامتحان على شكل صعوبة في تذكُّر المعلومات في أثناء الاختبارات، وتشتت الانتباه وانخفاض القدرة على التركيز في أثناء الاختبار وفي المواقف التعليمية المختلفة.

علاج قلق الامتحان والتحصيل العلمي عند الأطفال:

إنَّ قلق الامتحان عند الأطفال هو حالة اضطراب نفسي قابلة للسيطرة والتحكم، ويكون علاج قلق الامتحان والتحصيل العلمي عند الأطفال عبر القيام بالإجراءات الآتية:

1. الحصول على نوم جيد:

النوم الجيد هو أحد أهم طرائق علاج قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال، وإنَّ نوم الطفل لساعات كافية قبل الاختبار هو واحد من المسؤوليات الواجب التأكد من تحقيقها من قِبل الوالدين؛ وذلك لأنَّ القلق من الاختبار يدفع الطفل إلى مزيد من المذاكرة على حساب نومه، وهذا يزيد من قلقه ويُتعِب جهازه العصبي ويقلل من تركيزه وقدرته على التذكر؛ لذا يجب التأكيد على نوم الطفل لساعات كافية قبل الاختبار والحرص على تناوله فطوراً جيداً وصحياً غنياً بالبروتين والفيتامينات قبل الذهاب إلى الاختبار.

2. التواصل مع الطفل:

يعد التواصل مع الطفل والاستماع له من طرائق علاج قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال الفعالة والمتاحة في أي وقت؛ إذ يمكن التحدث مع الطفل وإفساح المجال له للتعبير عن مخاوفه وأفكاره، وتقديم إجابات مريحة ومطمئنة للتساؤلات والأفكار السلبية التي تدور في ذهنه.

إنَّ هذا الحوار الهادئ والدافئ مع الطفل من شأنه أن يهون عليه ويوضح له أنَّ مخاوفه من الامتحان طبيعية وتحدث مع معظم الناس حتى البالغين منهم عندما يقدمون على خطوات مصيرية في حياتهم، وأيضاً من الممكن تقديم توجيهات للطفل للتخفيف من توتره مثل أداء تمرينات التنفس العميق.

3. تعزيز ثقة الطفل بنفسه:

تعزيز ثقة الطفل بنفسه وتوضيح مفهوم الاختبار الحقيقي يساعد على علاج قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال؛ إذ يجب إفهام الطفل أنَّ الغرض من الامتحان هو التعلم بحد ذاته وحفظ المعلومات وفهمها وليس الحصول على الدرجات الكاملة، وهذا من شأنه أن يخفف العبء والضغط النفسي على الطفل، إضافة إلى الإضاءة على نقطة هامة هي أنَّ درجته في الاختبار لا تحدد مستوى ذكائه ولا تعد معيار تفاضل بينه وبين زملائه.

4. المذاكرة مع الطفل:

قد يكون الجلوس مع الطفل في أثناء المذاكرة لقراءة كتاب أو لمتابعته في أثناء الدراسة من الطرائق الفعالة في علاج قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عنده، ومن واجب الوالدين أن يقفا هذه الوقفة المعنوية مع أطفالهما في هذه اللحظات التي تعد حاسمة وشديدة الحساسية بالنسبة إلى الصغار، وعلى الأهل أن يسألوا أطفالهم عما إذا كانوا بحاجة إلى مساعدة في الدراسة أو الدعم أو القليل من الاهتمام والتحفيز في أثناء التحضير للاختبارات.

5. تخفيف العبء النفسي عن الطفل:

يعد تهوين موضوع الاختبار على الطفل من طرائق علاج قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال، وللأسف فإنَّ معظم الأهالي يكونون هم سبب قلق أطفالهم من الامتحانات؛ وذلك بسبب تعليق آمال كبيرة على الطفل وإشعاره بأنَّ أداءه وتحصيله في الاختبار هو سبب تعاسة أو سعادة الأهل، وهذا من شأنه أن يزيد العبء النفسي على الطفل كونه يحمِّله مسؤولية مشاعر ذويه، ومن ثم يزيد من قلقه بشأن الامتحانات.

في الختام:

إنَّ قلق الامتحان والتحصيل الدراسي عند الأطفال والبالغين هو أمر طبيعي إذا ما كان ضمن درجاته الطبيعية التي تكون دافعاً للإنسان للاجتهاد والعمل بجد، ولكنَّ خطورته تكمن إذا ما زاد عن حدِّه الطبيعي وتحوَّل إلى حالة عصبية مؤذية نفسياً وجسدياً، حينها يجب التوقف عنده على الفور من أجل علاجه والتخلص منه ومن آثاره السلبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى