التدريس والتعلم

أهميته، وكيفية احترامه في الإسلام


1. من هو المعلم وما هي أهميته؟

يقول عبد العزيز السيد: (إنَّ المعلم هو العمود الفقري للتعليم، وبمقدار إصلاح المعلم يكون صلاح التعليم، فالمباني الجديدة، والمناهج المدروسة، والمعدات الكافية، تكون قليلة الجدوى إذا لم يتوفَّر المعلم الصالح؛ بل إنَّ وجود هذا المعلم يعوضه في كثير من الأحيان ما قد يكون موجوداً من النقص في هذه النواحي)، فمن هو المعلم؟ ومن أين تأتي أهميته؟

  • المعلم يمتلك المعرفة التي ينظِّمها، ويربطها بالمحتوى التعليمي، ويقدِّمها للتلاميذ، ومن واجبه عدم كتمان هذه المعرفة ونقل ما تعلمه بكل أمانة إلى الطلاب.
  • المعلم هو المربي الذي يعتمد عليه المجتمع في تربية أبنائه.
  • المعلم مُكلَّف بإدارة العملية التعليمية، وتطويرها على النحو الذي يكفل نجاحها.
  • المعلم مسؤول عن حفظ النظام في الصف، وتعليمه لتلاميذه، من أجل اعتماده في سلوكهم، ومن ثمَّ حفظ المجتمع.
  • المعلم مسؤول عن توفير المناخ الهادئ والعاطفي والاجتماعي والجو الملائم لتعلم التلاميذ.
  • المعلم مسؤول عن متابعة التلاميذ، وتقديم الملاحظات لهم، ومدهم بالتغذية الراجعة.
  • المعلم مسؤول عن التعرف إلى حاجات التلاميذ ومشكلاتهم.
  • المعلم مسؤول عن تقييم التلاميذ حسب الأنظمة التعليمية.
  • المعلم مسؤول عن الاطلاع على السياسات التعليمية التي يحدِّدها النظام القائم في المجتمع وأهدافها ليسعى إلى تحقيقها.
  • المعلم من واجبه احترام القوانين التعليمية في المدرسة وتعليمها لطلابه.
  • المعلم مسؤول عن تعديل سلوك الطلاب، وإبعادهم عن سلوكات العنف، وغرس قيم التسامح، وتعويده عادات الاستماع الجيد، وأهمية إقامة الحوار البنَّاء؛ وذلك من خلال استخدامه لأساليب تعليمية حضارية تناسب العصر.
  • المعلم مسؤول عن تنمية الاتجاهات الإيجابية لدى الطلاب، وغرس القيم، وتنمية حبهم للثقافة، وميلهم إلى البحث والاطلاع وتفكيرهم الناقد.
  • المعلم مسؤول عن تعليم الطلاب احترام خصوصية بعضهم بعضاً، وعدم التدخل في شؤون غيرهم.
  • المعلم مسؤول عن تعليم الطلاب واجباتهم تجاه وطنهم، وكيف يجب أن يحافظوا عليه، وأن يعملوا على تطويره وتحقيق ازدهاره.

شاهد بالفديو: 8 صفات يتميّز بها المُعلم الناجح

 

2. لماذا يجب احترام المعلم وكيف يكون احترام المعلم في الإسلام؟

يؤدي المعلم الدور الأكبر والأكثر تأثيراً في بناء الحضارة الإنسانية:

فهو الناقل الرئيس للخبرات والمعارف الإنسانية التي تؤدي إلى بناء الجيل الجديد، كما أنَّ المعلم من خلال علمه يدرك جيداً أنَّ المعرفة لا حدود لها، ومن ثمَّ يعمل باستمرار على التزوُّد بكل جديد من المعارف من الآخرين مهما كانت صفتهم، ونقلها إلى طلابه وتعليمهم كيفية البحث عن المعرفة وانتقاء ما يناسبهم منها، فهو العنصر الأساسي في تشكيل الحياة الثقافية والمعرفية للأجيال المستقبلية.

المعلم مثله مثل الأب والأم:

فهو يكون بمنزلة المربي والمرشد في حياة تلاميذه؛ إذ يكون على تماس مباشر معهم، فيعرف سلوكاتهم، ويقف على ما يعانوه من مشكلات، ويساعدهم على تعديل تلك السلوكات بحيث يصبحوا أشخاصاً ناجحين ومُحبَّبين للمجتمع، ويساندهم للتخلص من الأخطاء وجوانب الضعف في شخصياتهم، وما قد يقف عائقاً في طريق تعلمهم وتحقيقهم للنجاح في حياتهم، فهو بالنسبة إلى التلاميذ بمنزلة القائد، يتيح لهم فرص التدريب بإشرافه المباشر ليصلوا إلى تحقيق أهدافهم بنجاح.

المعلم هو جزء أساسي من نسيج المجتمع:

يساهم في فهم همومه وحلها، فهو لا يفصل بين شخصية المعلم وبين انتمائه للمجتمع، ولا يعيش منعزلاً؛ بل يمثِّل عاملاً أساسياً في تقوية أواصر المحبة والثقة والتعاون، كما يمثِّل قدوة لطلابه خاصة، ولأفراد المجتمع عامَّة؛ لذا يعول عليها المجتمع في تعليم أفراده القيم المرغوبة والسلوكات الجيدة، إضافة إلى ما سبق؛ المعلم هو فرد من المجتمع وعضو فعَّال فيه، تقع على عاتقه مسؤوليات، لكن لديه حقوق على المجتمع وأفراده وخاصة تلاميذه.

ثمَّة بعض التلاميذ الذين يتعاملون بأسلوب غير جيد مع المعلم:

بل حتى يتعاملون معه بطريقة مهينة، فمع كل ما يقدِّمه المعلم للطالب والمجتمع، فإنَّ بعض التلاميذ والطلبة يقابلون ذلك المعروف من المعلم بردود فعل سلبية وسيئة، لا سيما إذا عاقبهم المعلم على سلوكهم الخاطئ.

احترام المعلم واجب على كل تلميذ وطالب وعلى كل فرد من أفراد المجتمع:

فوراء كل شخصية ناجحة معلم، ووراء كل مجتمع متقدِّم معلم، ولقد حثَّ ديننا الإسلامي السمح على ضرورة احترام المعلم وتقديره وعدم المساس بكرامته أو التقليل من شأنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب”، وقال صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله أوحى إليَّ أنَّه من سلك مسلكاً في طلب العلم سهَّلتُ له طريق الجنة، ومن سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة، وفضلٌ في علمٍ خيرٌ من فضلٍ في عبادة، وملاك الدين الورع”.

تقدير المعلم:

المعلم له الحق في نيل الاحترام والتقدير، ليس فقط من طلابه وتلاميذه؛ بل من كل أفراد المجتمع، يُقال: “من علمني حرفا صرت له عبداً”؛ لذا يجب على كل أسرة وكل أب وأم أن يغرسوا حب المعلم في نفوس أبنائهم، وألَّا يسمحوا لأبنائهم السخرية من معلمهم أو التقليل من شأنه مهما كان السبب.

المعاملة الحسنة:

أوصى الإسلام بالمعاملة الحسنة، وأن يكون الفرد من خير الناس، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “خير الناس أحسنهم خلقاً”.

عدم لوم المعلم علناً:

لا يجب على الأهل لوم المعلم علناً، أو تقديم النصح له أمام الجميع، فالمعلم قدوة في نظر تلاميذه، ويجب أن يبقى كذلك؛ لذا عند حدوث خلاف مع المعلم أو خطأ يمكن أخذ المعلم وإخباره بالفعل الصحيح أو تقديم النصح له على انفراد.

التركيز على حسنات المعلم وليس فقط السلبيات:

لا يسلم أي إنسان من العيوب، فكما يقول سعيد بن المسيب: “ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكر عيوبه”، والمعلم هو صاحب فضل على المجتمع بأكمله، ومن كان فضله أكثر من نقصه ذهبت عيوبه بفضله، فلا يجوز ذكر عيوب أصحاب الفضل احتراماً وإكراماً وتقديراً لهم.

الدعاء للمعلم:

كم هو جميل أن يدعي التلميذ أو أهله للمعلم صاحب الفضل عليهم، فمن أكثر الأشياء التي حثَّ عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الإكثار من الدعاء؛ لذا علينا الدعاء للمعلم بالتوفيق والسعادة ودوام الصحة وبالرزق وكل ما فيه الخير.

الدفاع عنه وعن عرضه وما يمكن أن يمسَّ بشرفه وكرامته:

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة”، فلا يجب السماح لأحد بالتعرض للمعلم أو المساس بعرضه أو شتمه أو التشهير به أو بعائلته.

النقد بطريقة التلميح وليس التجريح:

لا يوجد أي إنسان مهما كانت صفته يُحِبُّ أن يُنتقد أو يُجرَّح به، لكن ثمَّة كثير من البشر يقترفون أخطاء تستدعي النقد، والمعلم هو إنسان وليس معصوماً عن الخطأ، فإذا وددت انتقاد سلوك المعلم أو أحد تصرفاته، لمِّح له، وابتعد تماماً عن النقد المباشر الذي لا يولِّد غير الحقد والكراهية المتبادلة.

عدم معاملة المعلم باستعلاء:

مهما كانت طبقة التلميذ الاجتماعية، أو مهما كانت صفة أهله، أو المناصب التي يشغلونها، لا يجب أن يعاملوا المعلم باستعلاء أو احتقار، وكأنَّه أدنى مكانة منهم، فالمعلم ذو فضل يجب تقديره وإعطاؤه مكانة مرموقة.

إقرأ أيضاً: كيف أكسب ثقة تلاميذي؟

عدم جرح مشاعر المعلم وجبر خاطره:

قال الله عز وجل في سورة يوسف: ﴿فَلَمَّا ذَهَبُواْ بِهِ وَأَجْمَعُواْ أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُم بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾، فجاء هذا الوحي من الله سبحانه وتعالى لجبر خاطر النبي يوسف عليه السلام بعد أن ظلمه إخوته، فالله سبحانه وتعالى أوصى بجبر الخاطر، والتلفظ بمحاسن الكلام، والابتعاد عن الظلم، وعن جرح مشاعر الإنسان بأي قول أو فعل.

شكر المعلم وتشجيعه:

يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “من صنع إليكم معروفاً فكافئوه”، والمعلم هو خير من قدَّم لنا المعروف، ووهبنا من وقته كي ننعم بحياة ملؤها النجاح وتحقيق الأهداف؛ لذا من الواجب شكره، وقول المديح فيه وتشجيعه على متابعة عمله النبيل.

على الطالب الاجتهاد في سبيل تعلُّم ما يقدِّمه المعلم له، وبذل قصارى جهده في سبيل ذلك.

شاهد بالفديو: 8 طرق تساعد المعلم على أداء مهنته بنجاح

 

في الختام:

يقول الشاعر محمد رشاد الشريف:

يا شَمْعَةً فِي زَوايا الصف تَأْتَلِقُ

 

تُنِيرُ دَرْبَ المَعالِي وَهِيَ تَحْتَرِقُ

لا أَطْفَأ اللهُ نُوراً أَنْتَ مَصْدَرُهُ

 

يا صادِقَ الفَجْرِ أَنْتَ الصُبْحُ والفلقُ

أَيا مُعَلِّمٌ يا رَمْزَ الوَفا سَلِمَتْ

 

يَمِينُ أَهْلِ الوَفا يا خَيْرُ مِنْ صَدْقُوا

فالتعليم أساس الحياة، والمعلم هو مترجم للخطط والأهداف التعليمية، وهو الأساس الذي يعتمد عليه المجتمع في بناء الأجيال المُتَّصفين بالصفات المطلوبة؛ لذا من واجب التلميذ والمجتمع بالكامل احترام المعلم وتقديره والحرص على راحته وحفظ صون كرامته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى