Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو محمد الماغوط؟ نسبه وحياته وشعره


  • «الأرض لمن يحترمها لا لمن يملكها».
  • «السجين لا يفكر في السجن بل في الذكريات الجميلة».
  • «عندما أكون جائعاً لا أكتب بل أقاتل».

هذه العبارات جزءٌ من الفلسفة العميقة التي أصبحَت من تراث الفكر الأدبي الذي عُرِف به الشاعر والكاتب السوري محمد الماغوط.

نبذة عن حياة محمد الماغوط:

محمد الماغوط هو أديب سوري بارز ومن أشهر شعراء قصيدة النثر في الوطن العربي، وُلِد في مدينة حماة بسوريا في عام 1934، وتوفي في العام 2006، كانت حياته مليئة بالنضال الثقافي والسياسي، فقد شهد مجموعة من التحولات الاجتماعية والسياسية الكبيرة في سوريا والعالم العربي.

تنقل خلال حياته بين ثلاث مدن هي السلمية مسقط رأسه ودمشق وبيروت، بدأ الماغوط مسيرته الأدبية في مجال الشعر، فكتب قصائد ونشرها في المجلات الأدبية، ومن ثم عمل في الصحافة، فكتب في مجلة الشرطة السورية، وكان من المؤسسين لصحيفة تشرين.

مع الزمن، اتجه إلى الكتابة النثرية، فاحترف الأدب السياسي الساخر وألَّف العديد من المسرحيات الناقدة التي أدت دوراً كبيراً في تطوير المسرح السياسي في سوريا بشكل خاص وفي الوطن العربي بشكل عام، وذلك بالتعاون مع الفنان دريد لحام، له العديد من المسرحيات والدواوين الشعرية، وفي عام 1999 تم الإعلان عن اسم الماغوط بصفته كاتباً عالمياً إلى جانب أمين أمعلوف خلال فعالية ثقافية في لندن.

حياة محمد الماغوط:

1. النشأة والبداية:

وُلد محمد الماغوط في عام 1934م في قرية ريفية تابعة لمدينة السلمية في محافظة حماة السورية، كانت عائلته تنتمي إلى طبقة فقيرة جداً، فكان والده، أحمد عيسى الماغوط، ووالدته، ناهدة الماغوط، يعملان في الزراعة في أراضي الآخرين مقابل أجر متدنٍ، يمتلك محمد ستة إخوة، وهو الأكبر بينهم.

2. التعليم:

بدأ محمد الماغوط دراسته في الكتَّاب، ثم انتقل إلى المدرسة الزراعية في مدينة السلمية، بعد ذلك، انتقل إلى دمشق لمتابعة دراسته في المدرسة الزراعية الثانوية في ثانوية “خرابو” في الغوطة، خلال هذه الفترة، أرسل والداه رسالة إلى المدرسة يطلبان فيها الرأفة لابنهما بسبب ضيق الحال المالي، قامت المدرسة بتعليق الرسالة في الصفوف، وهذا دفع محمد الماغوط لترك المدرسة والفرار من دمشق عائداً إلى السلمية.

يتحدث الماغوط عن هذه المرحلة من حياته قائلاً: «أنا كنت حب القرآن كتير، أخذت الشهادة الابتدائية وبعدين دخلت بدِّي كَفِّي أدرس زراعة، الحقيقة أنا دخلت زراعة لأنَّه مدرسة داخلي، وبالداخلي بكون الأكل مجاني، نحن كنَّا فقراء، بعدين اكتشفت إنه ما هدفي مكافحة الحشرات الزراعية فلجأت إلى مكافحة الحشرات البشرية»، وبذلك لم يستطع الماغوط الحصول على الشهادة الثانوية.

3. الانتساب إلى الحزب القومي الاجتماعي:

بعد أن بدأ الماغوط بكتابة الشعر ونشر أوائل قصائده في مجلة (الآداب البيروتية) أراد الانتساب إلى أحد الأحزاب السياسية الموجودة، وانتسب الماغوط إلى الحزب القومي الاجتماعي دون أن يقرأ أدبيات أنطون سعادة مؤسس الحزب، وعند سؤاله عن سبب انتسابه إلى هذا الحزب فرد قائلاً: (في ذلك الوقت كان هناك حزبان كبيران في سورية، حزب البعث والحزب القومي السوري الاجتماعي، كان مقر حزب البعث بعيداً عن بيتنا وطريقه مليء بالوحل والكلاب التي تعوي، بينما الحزب القومي السوري الاجتماعي كان الأقرب إلينا وفيه مدفأة لذلك انتسبت إليه، إضافة إلى أنَّ مسؤول حزب البعث حينها كان سامي الجندي، وهو ملاكم، وأنا أكره العضلات وأخافها).

4. اعتقال محمد الماغوط:

تعرض محمد الماغوط للاعتقال عدة مرات خلال حياته، كانت البداية في عام 1955 بعد اغتيال العقيد عدنان المالكي في سوريا، واتُّهِم الحزب القومي الاجتماعي السوري بالضلوع في الحادث، واحتُجِز الماغوط مع زملائه في الحزب، في أثناء فترة اعتقالهم في سجن المزة، التقى الماغوط بالشاعر الشهير أدونيس الذي كان معتقلاً أيضاً، ومعاً شكلا فريقاً أبدعا في كتابة العديد من المسرحيات.

الاعتقال الثاني، وقع خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر في عام 1958، فكتب الماغوط عدة مقالات مناهضة للرئيس جمال عبد الناصر، وهذا أدى إلى اعتقاله، أما في الاعتقال الثالث، فقد جرى اعتقاله في بيروت بعد محاولة فاشلة للحزب القومي الاجتماعي لتنفيذ انقلاب على الرئيس فؤاد شهاب.

5. المسيرة المهنية:

بعد هروبه من المدرسة الزراعية في دمشق وعودته إلى السلمية، عمل محمد الماغوط في مجال الزراعة لفترة معينة، وخلال هذه الفترة، بدأت تظهر بوادر موهبته الشعرية، وتعرف إلى الشاعر «سليمان عواد» الذي كان ينشر قصائده في مجلتي “الآداب” و”الأديب”، وساعد عواد الماغوط على نشر أول قصيدة له في مجلة «الآداب البيروتية» تحت عنوان «الدكتور محمد الماغوط»، وكذلك قصيدة أخرى بعنوان «غادة يافا».

بعد ذلك، التحق الماغوط بالجيش العربي السوري لأداء الخدمة الإلزامية، فكتب قصيدة بعنوان «لاجئة بين الرمال» التي نُشرت في مجلة «الجندي» بعد انتهاء خدمته العسكرية، انتقل الماغوط إلى بيروت، وعمل في مجلة «شعر»، لكن انتهت علاقته بالمجلة بسبب خلافات فكرية مع إدارتها.

بعد ذلك، بدأ الماغوط بترويج شعره في الأماكن العامة، وتجربته هنا أنمت موهبته وجعلته أكثر ثقة بنفسه، عمل في مجلة «الشرطة» السورية لعدة سنوات، فكتب العديد من المقالات النقدية الساخرة، وبمساعدة زميله «زكريا تامر»، شكلا نقطة تحول في تاريخ الصحافة السورية، كما عمل في صحيفة «تشرين» السورية، وشارك في كتابة مقالات في صحيفة «المستقبل» التي كانت تصدر من باريس.

6. الحياة الشخصية للماغوط:

تزوج الماغوط من الشاعرة سنية صالح وأنجبا ابنتين (شام وسلافة)، لكنَّه واجه فترة صعبة بفقد أحبائه خلال فترة الثمانينيات حيث توفيت كل من شقيقته ووالداه وزوجته، وقد تركت هذه الفواجع أثراً عميقاً في حياته وإنتاجه الأدبي، ابنته الكبرى التحقت بزوجها الطبيب وانتقلت للعيش في الولايات المتحدة، فيما انتقلت الثانية للعيش مع زوجها في بريطانيا، وهذا زاد من حزنه وألمه، ترك الماغوط إرثاً أدبياً ثرياً وظلت أعماله الأدبية تشكل مرجعاً هاماً في الأدب العربي.

7. إنجازات محمد الماغوط:

8. الجوائز التي حصدها محمد الماغوط خلال مسيرته الأدبية:

  • ﺟﺎﺋﺰة ﺟﺮﻳﺪة اﻟﻨﻬﺎر اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﺔ ﻟﻘﺼﻴﺪة اﻟﻨﺜﺮ ﻋﻦ دﻳﻮاﻧﻪ اﻷول “ﺣﺰن في ﺿﻮء اﻟﻘﻤﺮ”.
  • ﺟﺎﺋﺰة ﺳﻌﻴﺪ ﻋﻘﻞ.
  • ﺟﺎﺋﺰة ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻮﻳﺲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ ﻟﻠﺸﻌﺮ 2005.
  • وسام الاستحقاق من رئيس الجمهورية العربية السورية بشار الأسد 2005.
  • جائزة احتضار 1958.

إقرأ أيضاً: من هي فدوى طوقان؟

شعر محمد الماغوط:

يُعد محمد الماغوط من أوائل الشعراء الذين أدخلوا تحولات شكلية جذرية على القصيدة، إذ انتهج في شعره مساراً مختلفاً عن التقاليد المتبعة في الشعر التقليدي والشعر الحر والمتمثلة في الوزن والقافية، فلم نرَ في بنيته الشعرية تقيُّداً بالوزن أو القافية، وهذا جعل شعره محط انتقادات واسعة، خاصة من قِبَل شعراء القصيدة التقليدية وأصحاب الشعر الحر، الذين عدُّوها نقصاً في الإبداع وضعفاً في التعبير.

لكن الماغوط لم يتأثر بتلك الانتقادات، بل استمر في توظيف قصيدة النثر بأسلوبه الخاص وفق رؤيته الأدبية، دون أن يستخدم أي نظرية شعرية مُحَدَّدة، ورغم أنَّ شعره كان يتضمن بعض سمات الشعر الحر، لكنَّه اختار أن يبدع على طريقته وأسلوبه الخاص ووفق رؤية أدبية وشعرية يتقنها ويقتنع بها.

أصبح الماغوط بعد فترة قصيرة رائداً في فن القصيدة النثرية، وتمكن من أن يصبح شاعراً لا يضاهى في هذا النوع وإلى درجة أن أصبح مرجعاً لغيره من الشعراء الذين أعجبوا بأسلوبه الشعري، وبهذا، انفصلت قصيدته عن التقليد القائم في الشعر الحر.

خصائص شعر محمد الماغوط:

1. تعطيل الأوزان الشعرية والقافية المتداولة:

تخلى الماغوط في شعره عن الوزن أي التوزيع المنظم للمقاطع الصوتية في البيت الشعري، كما تخلى عن القافية التي تحدد نغم الشعر وإيقاعه وابتكر لنفسه أسلوباً خاصاً خالياً من الوزن والقافية.

2. استخدام الألفاظ البسيطة التي لا تحتاج إلى شرح:

تميز شعر الماغوط باستخدام ألفاظ بسيطة، لغة نثرية من المجتمع، لا يحتاج القارئ إلى فك معانيها باستخدام معاجم اللغة، ومنها قصيدته (أربعاء الجمر) والتي يقول فيها:

قد أنسى قبعتي في مقهى وقداحتي في بار

وعلبة التبغ في فندق ومفاتیحي في أحد الأدراج

وحذائي في مجلس عزاء

شيء لا أبالي به..

ولكن أن أنسى دفتري الذي أسجِّل به أحزاني لحظة بلحظة

فهذا ما لا أحتمله..

فهو أكثر خطورة من قنبلة بید طفل

أو حیوان منزلي تحت القصف

لأنَّه يحرق كل ما تحته

هل الحزن أقوى من الإيمان؟

شاهد بالفديو: أشهر الكتاب والأدباء العرب ومؤلفاتهم

 

3. الإيجاز في التعبير:

الإيجاز في التعبير هو استخدام الكلمات والعبارات بشكل مختصر وموجز للتعبير عن الفكرة أو المفهوم بشكل دقيق، فيهدف الإيجاز إلى تقديم المعلومة بأقل عدد ممكن من الكلمات دون فقدان جوهرها أو معناها، وهذا بالضبط ما تميز به شعر محمد الماغوط، فعمل على جمع المعاني الكبيرة في الألفاط القليلة بحيث تكون كل كلمة هي عنوان بنفسه، كقوله:

أكره الغربة، الألم، الجوع، العطش، الحقد، الفقر

وبعد كل ذلك عليَّ أن أحبَّ الله

 ومع ذلك سأحبُّه وأعشقه

ولكن على أمل أن يكون هناك:

آخرة، ثواب، عقاب

ولو من أجلي على الأقل

4. الترابط في المعنى:

عُرِف عن أسلوب الماغوط الشعري الترابط في المعنى، فيوجد ارتباط وثيق بين الأفكار والمفاهيم في كل نص أو قصيدة كتبها، فيقول:

سأعاقب نفسي بلا شفقة أو رحمة

سأرغمها على متابعة الإعلام العربي…

5. الإكثار من استخدام أسلوب النداء:

في كل قصيدة أو نص للماغوط لا بد أن نجد استخدام أدوات النداء فيقول: (أيها الجمهور، أيها الجراد، أيها الأطباء، أيها اللصوص…)، يهدف الماغوط من خلال هذا الاستخدام لتوضيح قضية لها تأثير محدد في المجتمع.

وفاة محمد الماغوط:

توفي الشاعر محمد الماغوط جراء جلطة دماغية يوم الإثنين، الموافق 3 نيسان 2006م، وتكريماً لمساهمته الأدبية وإرثه الثقافي، أطلقت مدرسة حكومية في مدينة حمص اسمه عليها، إضافة إلى تسمية إحدى قاعات المحاضرات في جمعية العاديات في السلمية باسمه، لإحياء ذكراه وتخليد إرثه.

إقرأ أيضاً: من هو أمل دنقل؟

في الختام:

إنَّ حياة وأعمال الأديب السوري محمد الماغوط تشكل ملتقى فريداً من الإبداع والتجدد في عالم الأدب العربي المعاصر، وإنَّ مسيرته الأدبية المتنوعة والغنية بالأفكار والتجارب الشعرية والأدبية تجسد تفرداً لا يمكن إنكاره، فقد استطاع إنشاء إرث وبصمة عميقة في قلوب القراء والمحبين للأدب العربي.

من خلال قصائده النثرية ورواياته ومسرحياته، أثبت الماغوط أنَّ الإبداع لا يعرف حدوداً، وأنَّ الفكر العميق يمكن أن يصل إلى القلوب والعقول بسهولة وجاذبية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى