البحر الكامل وأهم القصائد عنه
تقسم بحور الشعر إلى ثلاثة أقسام تعتمد على أنواع تفعيلاتها، وهي: البحور الخماسية مثل (المتقارب والمتدارك)، والبحور السباعية التي تضم (الوافر، الكامل، الهزج، الرجز، الرمل، السريع، المنسرح، الخفيف، المضارع، المقتضب، المجتث) والنوع الثالث هي البحور الممزوجة (الطويل، المديد، البسيط).
سنناقش في هذا المقال البحر الكامل بتفاصيله المميزة، ووزنه، والمفاتيح التي يقف عليها، إضافة إلى استعراض بعض القصائد الشهيرة التي بُنِيَت على وزنه، فتحتوي اللغة العربية على 14215 قصيدة بُنِيَت على وزنه.
سبب تسمية البحر الكامل بهذا الاسم:
سمي البحر الكامل كاملاً لتكامل حركاته، فتبلغ ثلاثون حركة، وهذا ما يجعله فريداً في عالم الشعر، فليس في الشعر شيء له ثلاثون حركة غيره، فهو البحر الوحيد الذي يحتوي على هذا العدد الكبير من الحركات، وثمة رأي آخر يقول إنَّ سبب تسميته بالكامل أنَّ عدد أضربه تزيد عن عدد أضرب باقي البحور، فهو يشتمل على تسعة أضرب، ويصلح لكافة أنواع الشعر.
وزن البحر الكامل:
وزن البحر الكامل وفقاً للدائرة العروضية، يتألف من ستة أجزاء، وتكرار كل جزء “مُتَفاعِلُن” ست مرات، ويُمثل هذا الترتيب النظام الصوتي لهذا البحر، أي:
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
يمنح هذا النمط الصوتي المُكرِّر البحر الكامل تناغماً وتكاملاً يتلاءمان مع مختلف أشكال الشعر وأنواعه، ويُذكَر أنَّ للبحر الكامل ثلاثة أعاريض وتسعة أضرب، فيمتاز النوع الأول للبحر الكامل، البحر الكامل التام بوجود عرضين وخمسة أضرب، بينما يتمتع النوع الثاني وهو البحر الكامل المجزوء بعرض واحد وأربعة أضرب.
مفتاح البحر الكامل:
مفتاح البحر الكامل هو بيت شعر منظوم لتسهيل حفظ وزن البحر، ويتضمن اسم البحر في الشطر الأول ووزنه في الشطر الثاني وأغلب مفاتيح بحور الشعر وضعها (صفي الدين الحلي)، بالنسبة إلى مفتاح البحر الكامل هو:
كَمَلَ الْجَمَالَ مِنَ الْبُحُوْرِ الكامِلُ
///ه//ه ///ه//ه ///ه//ه
مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن مُتَفاعِلُن
أنواع البحر الكامل:
أولاً: البحر الكامل التام
صيغته:
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ.
وله عروضان وخمسة أضرب هي:
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتْفَاعِلْ.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتْفَا.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفَا مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفَا.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتَفَا مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ مُتْفَا.
ثانياً: البحر الكامل المجزوء
صيغته:
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ
مُتَفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ.
تأتي تفعيلتُها الرئيسةُ بصورٍ هي: (مُتَفَاعِلُنْ ///ه//ه)، (مُتْفَاعِلُنْ /ه/ه//ه)، (مُتَفَاعِلْ ///ه/ه)، (مُتْفَاعِلْ /ه/ه/ه)، (مُتَفَا ///ه) ، (مُتْقَا /ه/ه)، (مُتَفَاعِلانْ ///ه//ه ه)، (مُتْفَاعِلانْ /ه/ه/ه ه) ، (مُتَفَاعِلاتُنْ ///ه//ه/ه)، (مُتْفَاعِلاتُنْ /ه/ه//ه/ه).
للبحر الكامل المجزوءِ عروض واحد وأربعة أضرب:
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ *** مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ *** مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلاْنْ.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ *** مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلاتُنْ.
- مُتَفاعِلُنْ مُتَفاعِلُنْ *** مُتَفاعِلُنْ مُتَفَاعِلْ.
مثال للتقطيع العروضي على البحر الكامل
المثال:
بأبي وأُمِّي غادة في خَدِّها
سِحْرٌ وبين جُفونها سِحْرُ
التقطيع:
بأبي وأمْ / مي غادتن / في خَدْدِها
سِحرُنْ وبي / نَ جفونها / سحرو
رمز الحركة:
///ه//ه – /ه/ه//ه ــ /ه/ه//ه
/ه/ه//ه – ///ه//ه – /ه/ه
المقابلة:
مُتَفَاْعِلُنْ مُتْفَاْعِلُنْ مُتْفَاْعِلُنْ
مُتْفَاْعِلُنْ مُتَفَاْعِلُنْ مُتْفَا
المثال:
وإذا صحوت فما أقصر عن ندى
وكما علمتَ شمائلي وتكرمي
التقطيع:
وإذاصحو/ تفماأقصْ/ صرعنندى
وكماعلمْ/ تشمائلى/ وتكررمى
الحركة:
///ه//ه – ///ه//ه – ///ه//ه
///ه//ه – ///ه//ه – ///ه//ه
المقابلة:
متفاعلن متفاعلن متفاعلن
متفاعلن متفاعلن متفاعل
شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية
أهم القصائد على البحر الكامل:
1. امرئ القيس (حي الحمول بجانب العزل):
حَيِّ الحُمولَ بِجانِبِ العَزلِ
إِذ لا يُلائِمُ شَكلَها شَكلي
ماذا يَشُقُّ عَلَيكَ مِن ظَعنٍ
إِلَّا صِباكَ وَقِلَّةُ العَقلِ
مَنَّيتَنا بِغَدٍ وَبَعدَ غَدٍ حَتَّى
بَخَلتَ كَأَسوَءِ البُخلِ
يا رُبَّ غانِيَةٍ صَرَمْتُ حِبالَها
وَمَشَيتُ مُتَّئِداً عَلى رُسلي
2. عنترة بن شداد (هل غادر الشعراء من متردم):
هَل غادَرَ الشُعَراءُ مِن مُتَرَدَّمِ
أَم هَل عَرَفتَ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ
يا دارَ عَبلَةَ بِالجَواءِ تَكَلَّمي
وَعَمي صَباحاً دارَ عَبلَةَ وَاسلَمي
فَوَقَفتُ فيها ناقَتي وَكَأَنَّها
فَدَنٌ لِأَقضِيَ حاجَةَ المُتَلَوِّمِ
وَتَحُلُّ عَبلَةُ بِالجَواءِ وَأَهلُنا
بِالحَزنِ فَالصَمَّانِ فَالمُتَثَلَّمِ
3. عنترة بن شداد (يا عبل أين من المنية مهربي):
يا عَبلُ أينَ من المَنيَّةِ مَهْربي
إن كانَ ربي في السَّماءِ قَضاها
وكتَيبةٍ لبَّستُها بكَتيبةٍ
شهْباءَ باسِلةٍ يُخافُ ردَاها
خرساءَ ظاهرةِ الأداةِ كأنَّها
نارٌ يُشَبُّ وَقُودها بلَظاها
فيها الكماةُ بنو الكماةِ كأنَّهمْ
والخيلُ تعثرُ في الوَغى بقناها
شهبُ بأيدي القابسين إذا
بدتْ بأكفهمْ بهرَ الظَّلام سناها
صُبُرٌ أعدُّوا كلَّ أجْردَ سابحٍ
ونجيبةٍ ذبلتْ وخفَّ حشاها
إقرأ أيضاً: البحر الطويل وأهم القصائد عنه
4. حاتم الطائي (أبلغ بني لأم بأنَّ خيولهم):
أَبلِغ بَني لَأمٍ بِأَنَّ خُيولَهُم
عَقرى وَأَنَّ مِجادَهُم لَم يَمجُدِ
ها إِنَّما مُطِرَت سَماؤُكُمُ دَماً
وَرَفَعتَ رَأسَكَ مِثلَ رَأسِ الأَصيَدِ
لِيَكونَ جِيراني أُكالاً بَينَكُم
بُخلاً لِكِندِيٍّ وَسَبيٍ مُزنِدِ
5. ابن المضلل (يا كَنَّةً ما كُنتِ غَيرَ لَئيمَةٍ):
يا كَنَّةً ما كُنتِ غَيرَ لَئيمَةٍ
بَيضاءَ مِثلَ الرَوضَةِ المِحلالِ
ما إن تُبيتينا بِصَوتٍ صُلَّبٍ
فَيِبيتَ مِنهُ القَومُ في بَلبالِ
وَلا تَبادِرُ بالشِتاءِ وَلِيدَنا
القِدرَ تُنزِلُها بِغَيرِ جِعالِ
6. خليل مطران (داء ألم فخلت فيه شفائي):
داءٌ ألَمَّ فَخِلْتُ فِيهِ شَفَائِي
مِنْ صَبْوَتِي فَتَضَاعَفَتْ بُرَحَائِي
يَا لَلضَّعِيفَيْنِ اسْتَبَدَّا بِي وَمَا
فِي الظُّلْمِ مِثْلُ تَحَكُّمِ الضُّعَفَاءِ
قَلْبٌ أَذَابَتْهُ الصَّبَابَةُ وَالْجَوَى
وَغِلاَلَةٌ رَثَّتْ مِنِ الأَدْوَاء
وَالرُّوْحُ بيْنَهُمَا نَسِيمُ تَنَهُّدٍ
فِي حَالَيَ التَّصْوِيبِ وَالصُّعَدَاءِ
وَالعَقْلُ كَالمِصْبَاحِ يَغْشَى نُورَهُ
كَدَرِي وَيُضْعِفُهُ نُضُوبُ دِمَائِي
7. السموءل (اسلم سلمت ولا سليم على البلى):
اِسلَم سَلِمتَ وَلا سَليمَ عَلى البِلى
فَنِيَ الرِجالُ ذَوُو القُوى فَفَنيتُ
كَيفَ السَلامَةُ إِن أَرَدتُ سَلامَةً
وَالمَوتُ يَطلُبُني وَلَستُ أَفوتُ
وَأُقيلُ حَيثُ أَرى فَلا أَخفى لَهُ
وَيَرى فَلا يَعيا بِحَيثُ أَبيتُ
مَيتاً خُلِقتُ وَلَم أَكُن مِن قَبلِها
شَيئاً يَموتُ فَمُتُّ حَيثُ حَيِيتُ
وَأَموتُ أُخرى بَعدَها وَلَأَعلَمَن
إن كانَ يَنفَعُ أَنَّني سَأَموتُ
8. ابن الفارض (زدني بفرط الحب فيك تحيراً):
زِدْني بفَرْطِ الحُبِّ فيك تَحَيُّرا
وارْحَمْ حشىً بلَظَى هواكَ تسعَّرا
وإذا سألُتكَ أن أراكَ حقيقةً
فاسمَحْ ولا تجعلْ جوابي لن تَرى
يا قلبُ أنتَ وعدَتني في حُبِّهمْ
صَبراً فحاذرْ أن تَضِيقَ وتَضجرا
إنَّ الغرامَ هوَ الحياةُ فمُتْ بِهِ
صَبَّاً فحقُّك أن تَموتَ وتُعذرا
قُل لِلَّذِينَ تقدَّموا قَبلي ومَن
بَعدي ومَن أضحى لأشجاني يَرَى
عني خذوا وبي اقْتدوا وليَ اسمعوا
وتحدَّثوا بصَبابتي بَينَ الوَرى
ولقد خَلَوْتُ مع الحَبيب وبَيْنَنَا
سِرٌّ أرَقَّ منَ النسيمِ إذا سرى
9. ابن الفارض (قلبي يحدثني بانك متلفي):
قلبي يُحَدِّثني بأَنَّكَ مُتْلِفِي
روحي فِداكَ عرَفْتَ أمَ لم تَعْرِفِ
لم أَقْضِ حَقَّ هَواكَ إن كُنتُ الذي
لم أقضِ فيِه أسىً ومِثليَ مَنْ يَفي
ما لي سِوَى روحي وباذِلُ نفسِهِ
في حُبِّ مَن يَهْواهُ ليسَ بِمُسرِف
فلَئِنْ رَضِيتَ بها فقد أسعَفْتَني
يا خَيبَة المَسْعَى إذا لم تُسْعِفِ
يا مانِعي طيبَ المَنامِ ومانِحي
ثوبَ السِّقامِ بِهِ ووَجْدِي المُتْلِفِ
عَطفاً على رَمقي وما أبقَيتَ لي
منْ جسميَ المُضْنى وقلبي المُدَنَفِ
فالوَجْدُ باقٍ والوِصَالُ مُماطلي
والصَّبْرُ فانٍ واللِّقاء مُسَوِّفي
لم أَخلُ من حَسَدٍ عليك فلا تُضِعْ
سَهَري بتَشْنِيع الخَيالِ المُرجِف
10. ابن زيدون (مَن كان مرتحلاً بقلب محبه):
مَنْ كان مرتحلاً بقلب محبِّهِ
يوماً فإنَّك راحل بجميعي
وأنا الذي ترك الوداع تعمُّداً
مَنْ ذا يطيق مرارة التوديعِ
11. علي بن أبي طالب (دعْ ذكرهنَّ فما لهن وفاءُ):
دَع ذِكرَهُنَّ فَما لَهُنَّ وَفاءُ
ريحُ الصَّبا وَعُهودُهُنَّ سَواءُ
يَكسِرنَ قَلبَكَ ثُمَّ لا يَجبُرنَهُ
وَقُلوبُهُنَّ مِنَ الوَفاءِ خَلاءُ
12. حسان بن ثابت (ما بال عيني لا تنام):
ما بالُ عَيني لا تَنامُ كَأَنَّما
كُحِلَت مَآقيها بِكُحلِ الأَرمَدِ
جَزَعاً عَلى المَهدِيِّ أَصبَحَ ثاوِياً
يا خَيرَ مَن وَطِئَ الحَصى لا تَبعُدِ
13. المتنبي (قصيدة أرق على أرق ومثلي يأرق):
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِق
في الختام:
نحن ندرك أهمية البحر الكامل في الشعر العربي وتأثيره العميق في الأدب، فإنَّ وجود هذا البحر الشعري الفريد واستخدامه في القصائد يعكس تنوُّع الفن الشعري العربي وعمقه.
إنَّ البحر الكامل هو وزن شعري يجسِّد التناغم والتكامل الذي يسمح للشاعر بالتعبير عن مشاعره وأفكاره بطريقة جميلة ومتقنة، ومن خلال استعراض القصائد التي بُنيَت على وزن البحر الكامل، ندرك الغنى والتنوُّع الذي يمتلكه الشعر العربي، وتأثيره العميق في القارئ والمستمع على حدٍّ سواء.