التفوق الدراسي

إدمان الـ "فيسبوك" وعلاقته بالتحصيل الدراسي


إذ استطاع تخطي حدود الزمان والمكان، وسهَّل عملية التواصل الإنساني والحضاري، وأصبح رافداً أساسياً في تكوين شخصية الإنسان الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، كما طور معارفهم ومداركهم وسهَّل عملية انتقال المعلومات وتمريرها واتخاذ القرار بأقل كلفة، ومن ضمن مواقع الشبكة العنكبوتية هناك مواقع التواصل الاجتماعي آخر ما أنتجته هذه الثورة؛ إذ أصبحت هذه المواقع وسيلة إعلامية وتفاعلية هامة يمكن اللجوء إليها بكل سهولة من قِبل كافة فئات المجتمع ومن جميع الأعمار.

وقد أثبت هذه المواقع فاعليتها في أداء النشاطات الاجتماعية وفي تحقيق أشكال متنوعة من التعارف والتقارب، وأشهر هذه المواقع انتشاراً وتأثيراً الـ “فيسبوك” (facebook) كونه يسمح للمستخدم بإنشاء صفحة خاصة به يتواصل من خلالها مع الآخرين ويجري المحادثات الفورية ويتبادل من خلالها مقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية والصور ومختلف أنواع الملفات، ومع كل الإيجابيات التي يمنحها (facebook) لمستخدميه إلا أنَّ شأنه شأن أيَّة وسيلة اتصال أخرى له عواقبه السلبية.

ومن هذه السلبيات هناك مسألة الإدمان على الـ “فيسبوك” التي برزت بوصفها مشكلة اجتماعية ونفسية كبيرة بسبب قضاء الفرد ساعات طويلة في تصفح هذا الموقع دون وجود مبرر منطقي لذلك، ومن الفئات الأكثر تأثراً بهذا الموقع هي فئة الطلاب؛ إذ أصبح هذا الموقع يستحوذ على جزء كبير من حياة الطالب فنراه يضحي بدراسته وعلاقاته الأسرية وماله في سبيل إشباع رغباته المرتبطة باستخدام هذا الموقع.

الإدمان على الـ “فيسبوك”:

ظهر موقع (facebook) في عام 2004 على يد طالب أمريكي في جامعة “هارفرد” يدعى “مارك زوكربيرج” وأخذ منذ ذلك الحين ينتشر بسرعة؛ إذ يسمح للفرد بإنشاء المساحة الخاصة به ونشر المواد الفكرية والتعبير عن الآراء بحرية والتواصل مع الأصدقاء، فهو مجتمع يقوم على العلاقات غير المرئية ولا يتطلب مهارة اجتماعية خاصة به، وأصبح النافذة التي يستطيع أن يطل من خلالها الفرد إلى الخارج، وقد أثر هذا الموقع تأثيراً كبيراً في الطلاب بحيث أصبحوا يستخدمونه لفترات طويلة وبطريقة مبالغ بها لا يستطيع معها التوقف أو التخلي عن استخدام الموقع حتى وصل حد الإدمان، وسمي بالإدمان على الإنترنت لأنَّه يجمع في أعراضه بعض أعراض الإدمان الحقيقي مثل تقلب المزاج والشعور بالضيق والرغبة في العزلة والتقوقع حول الذات والانسحاب الاجتماعي وقطع الاتصال بالمجتمع الخارجي.

والطلبة هم الفئة الأكثر تأثراً وتعلقاً به؛ وهذا يؤثر في مستواهم الدراسي وتغيبهم عن المدرسة والجامعة والكذب على الأسرة وإهمال الوضع الاجتماعي والاهتمامات الأخرى والهوايات المحببة التي اعتادوا على ممارستها في السابق.

سلبيات استخدام الطالب لموقع “فيسبوك” (facebook)

1. ضياع وقت الطالب:

بمجرد دخول الطالب إلى موقع (facebook) يبدأ بالانتقال من صفحة لأخرى ويقوم بالتعليق على الأشياء التي تعجبه أو التي لا تعجبه التي تطرحها تلك الصفحات، كما يقوم بالتنقل في صفحات أصدقائه لمعرفة ما تحتويه سواء من صور أم فديو أم آراء يطرحونها لكي يقوم بالتعليق عليها أيضاً وبكل تأكيد سيقوم بفتح المحادثات مع الأصدقاء التي تطول دون مبرر لذلك ومن ثمَّ لا يشعر بطول الوقت التي أهدره دون أيَّة فائدة تُذكر.

2. ضعف المهارات الاجتماعية والعيش في الحياة الافتراضية:

يؤدي قضاء الطالب وقتاً طويلاً في تصفح صفحات (facebook) إلى ابتعاده وعزلته عن الواقع وعن الأسرة وعن المحيط الاجتماعي؛ إذ لا يشارك في أي من النشاطات التي تطرحها الأسرة أو التي قدمها المجتمع لأبنائه لتطوير مهاراته وخبراته من خلالها.

3. فقدان الخصوصية:

من أبرز سلبيات استخدام (facebook) انعدام الخصوصية، فهناك احتمال كبير لسرقة الصفحة الشخصية للمستخدم التي تحتوي على معلوماته الشخصية بطبيعة الحال، بالإضافة إلى أشياء أخرى خاصة به كالصور والمحادثات مع الأصدقاء التي يمكن استغلالها ضد المستخدم في شكل يسيء له؛ وهذا ما يتسبب بالأضرار النفسية والمعنوية وربما المادية لذلك المستخدم.

4. تقليد الشخصيات العامة والرغبة في انتحال شخصياتهم:

قد يصبح الطالب نتيجة لتصفحه الـ “فيسبوك” مهووساً بإحدى الشخصيات العامة والمشاهير نتيجة متابعته الشديدة له فيرغب بتقليدهم وربما يصل به الأمر إلى إنشاء صفحة باسم أحدهم وانتحال صفتهم؛ وهذا يسبب له الأذى النفسي؛ إذ ينسى شخصيته الحقيقية ويتماهى بالشخصية الوهمية الأخرى وينغمس فيها، كما قد يسبب له مشكلات اجتماعية وأمنية إذا ما اكتُشف أمره أو تقدم أحد ما ببلاغ ضد منتحل الشخصية.

5. قيام الطالب بمقارنة نفسه مع الآخرين:

يقوم أشخاص من خلفيات ثقافية مختلفة ومن طبقات اجتماعية مختلفة كذلك بمشاركة يومياتهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ يبدأ الطالب بمقارنة نفسه معهم ويحلم أحياناً بتبادل الأماكن معهم، أو يصاب بالغيرة من نجاح أحدهم، أو يتسلل الاكتئاب إليه نتيجة عجزه عن تحقيق ما يحققه الآخرون، فالمقارنة الاجتماعية هي أسوأ ما نتج عن مواقع التواصل الاجتماعي وانعكس انعكاساً سلبياً على نفسية الطلاب وسبب لهم الأمراض النفسية المختلفة لدرجة أصبح قسم كبير منهم يرفض الحياة التي يعيشها ويجد مشكلة حقيقية في التأقلم مع الحياة الواقعية التي يحيا ضمنها.

6. نشر المحتوى الذي يسبب الإحباط:

يتعمد بعض أفراد المجتمع نشر المحتوى المسيء لفئة معينة أو محتوى غير أخلاقي أو نشر التعليقات المسيئة بحق غيرهم التي يمكن أن تنال من الطلاب كذلك ومن ثمَّ تؤثر في نفسيتهم وتحصيلهم العلمي لانشغال تفكيرهم بتلك الآراء التي قيلت لهم.

7. الفساد الاخلاقي:

لا يخفى على أحد المحتوى غير الأخلاقي الذي يتم نشره من قِبل بعض المستخدمين على الـ “فيسبوك” لأنَّ الطلاب هم في سن المراهقة والشباب يكونون أكثر الفئات تأثراً به تأثيراً سلبياً فيدفع بهم إلى طريق خاطئ والقيام بأفعال سيئة ولا تتناسب مع معايير المجتمع الأخلاقية.

8. التأثير في الصحة:

قيام الطالب بقضاء وقت كبير على “فيسبوك” يؤدي إلى إرهاق جسده وظهور أمراض صحية بسبب الإشعاعات التي تصدرها الأجهزة الإلكترونية مثل أمراض العيون المختلفة، كما يؤدي إلى الأمراض النفسية كالاكتئاب والإحباط والصراع وانتهاج السلوك العدواني في بعض الحالات نتيجة تأثره بالمواد المطروحة على الـ “فيسبوك”.

9. تدني التحصيل الدراسي:

تشير معظم الدراسات التي أُجريت حول تأثير الـ “فيسبوك” في تحصيل الطالب الدراسي إلى أنَّ الطلاب المدمنين على الـ “فيسبوك” أقل تحصيلاً من غيرهم، فمن المؤكد أنَّ قضاء الوقت في تصفح الـ “فيسبوك” سوف يأخذ من وقت الدراسة ويستهلك من طاقة الجسم بحيث يصبح غير قادر على أداء الواجبات والمهام الموكلة إليه، كما لا يستطيع التركيز لتحصيل المعلومات ويعاني من تشتت الانتباه وشرود الذهن المستمر وبالتأكيد ضعف القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات لفترة طويلة واستذكارها وقت الامتحان.

شاهد بالفديو: سلبيات مواقع التواصل الاجتماعي

 

كيف يمكن التخلص من إدمان الـ “فيسبوك” (Facebook)؟

1. سجل إيجابيات وسلبيات استخدامك للـ “فيسبوك”:

احسب الوقت الذي تقضيه في تصفح الـ “فيسبوك” وما هي الفوائد التي تحصدها خلال هذا الوقت؟ وما هي السلبيات التي تجدها فيه؟ وكيف تؤثر في حياتك؟ وما هي الخسارات التي يسببها لك؟

2. اصنع نظاماً خاصاً بك وتقيَّد به:

حدد فترات الراحة وفترات الدراسة وقيامك بالأعمال واستبدل الأوقات التي تخصصها لتصفح الـ “فيسبوك” بأشياء أخرى تستمتع بها مثل ممارسة التمرينات الرياضية أو قراءة إحدى الروايات أو ممارسة هواية تحبها، بالإضافة إلى ضرورة وضع نظام صحي صارم والتقيد به، ويمكنك تخصيص ساعة من الوقت لتصفح الـ “فيسبوك” لكي تبقى على اطلاع بآخر الأخبار أو الاستفادة من المعلومات الموجودة به بشكل إيجابي.

3. عش حياتك الواقعية:

افصل الإنترنت عن هاتفك المحمول وخصص أوقاتاً للتحدث مع العائلة والخروج للتنزه مع الأصدقاء وتابع واجباتك وجد استراتيجيات جدية للدراسة تجعل منك فرداً متحمساً للدراسة.

4. اعتمد الصراحة مع نفسك:

حدد السبب الذي يجعل منك شخصاً يهوى ويحب تصفح الـ “فيسبوك” هل لإضاعة الوقت فقط أو مراقبة الآخرين أو حاجتك إلى أصدقاء افتراضيين لعجزك عن تكوين صداقات حقيقة أو رغبتك في الابتعاد عن أحداث المجتمع أو رغبتك في تلقي المديح من خلاله أو غير ذلك؟ فمعرفة السبب نصف العلاج.

5. ثق بنفسك:

عليك أن تعلم أنَّ تصفح الـ “فيسبوك” أو القيام بنشر محتوى خاص بك عن يومياتك وتلقي المديح من خلاله لن يضفي عليك شيئاً في الواقع، فثق بأنَّ إنجازاتك في الواقع وتطوير ذاتك باستمرار وحدها الكفيلة بالرفع من قيمتك وحصد المكانة المرموقة في المجتمع.

6. واجبات الأسرة:

تقع على الأسرة مسؤولية مراقبة أولادهم ومراقبة المحتوى الذي يشاهدونه على الـ “فيسبوك” بالإضافة إلى تنظيم وقتهم ومتابعة دراستهم بشكل جيد والتدخل عند ملاحظة أي تقصير.

شاهد بالفديو: 6 فوائد لترك مواقع التواصل الاجتماعي

 

 

في الختام:

كسرت مواقع التواصل الاجتماعي ولا سيما الـ “فيسبوك” حواجز الجغرافيا وجعلت العالم قرية صغيرة وقربت بين الأقطاب المختلفة، ولكنَّه يبقى سلاحاً ذا حدين على الرغم من كل الإيجابيات التي حققها إلا أنَّ هناك سلبيات لا يمكن نكرانها أيضاً، فقد أثر في عدد لا يستهان به من الطلاب الذين لم يعرفوا كيف يستفيدون منه استفادةً إيجابية بحيث يستخدمونه في تنمية مهاراتهم وثقافتهم وزيادة معارفهم؛ بل تأثروا به تأثراً سلبياً لدرجة الإدمان عليه وفقد أنفسهم بين صفحاته والتوقف عن بذل الجهود لتلبية طموحاتهم؛ لذا يجب مساندة هذه الفئة ومساعدتها على التخلص من هذا الإدمان والعودة إلى حياتها الواقعية ورسم الخطط لإنجاحها.

المصادر:

  • 1
  • باعلي يمينة، أثر استخدام مواقع التواصل الاجتماعي )فيسبوك( على التحصيل الدراسي دراسة ميدانية على عينة من تلاميذ ثانوية الشيخ أحمد بن ديدي – أدرار، جامعة أحمد دراية، 2021.
  • ياسرة محمد أيوب، فاعلية برنامج إرشادي معرفي سلوكي في علاج الإدمان على موقع التواصل الاجتماعي “الفيس بوك” لدى عينة من المراهقات، جامعة الأقصى، غزة، فلسطين، 2014.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى