Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

تاريخ الشعر العربي: النشأة والتطور


مكانة الشعر عند العرب:

مكانة الشعر عند العرب كبيرة، فهو أحد أهم مظاهر الثقافة والتراث والفن الذي يعكس حياتهم وتاريخهم وقيمهم، فالشعر العربي كان له دور بارز في الدفاع عن القبيلة والدين والوطن، وفي التعبير عن المشاعر والأفكار والحكمة، وكان أيضاً ديوان العرب الذي يحفظ لهم معارفهم ومآثرهم ولغتهم، ولقد تطور الشعر مع تطور العرب وتنوَّعت فنونه وأساليبه وموضوعاته.

الشعر هو أحد أبرز تعبيرات العرب عن ذاتهم وهويتهم وإبداعهم، فمنذ العصر الجاهلي وحتى اليوم، كان الشعر مرآة تعكس حال العرب ومشاعرهم وأحوالهم ومواقفهم في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية، وكان الشعر أيضاً سلاحاً فعالاً في الدفاع عن الحق والعزة والكرامة وفي النصرة والمقاومة والتحرير، وكان الشعر أيضاً مصدراً للتعلم والتثقيف والترفيه والترويح عن النفس.

تاريخ الشعر العربي:

تاريخ الشعر العربي ضخم وعريق نتعرف إليه فيما يأتي:

1. العصر الجاهلي:

الشعر في العصر الجاهلي هو الشعر الذي كُتب قبل ظهور الإسلام، ويُعَدُّ من أقدم وأغنى الأشعار العربية، وينقسم الشعر في العصر الجاهلي إلى قسمين رئيسين هما الشعر الفصيح، والشعر العامي.

الشعر الفصيح هو الشعر الذي يتبع قواعد اللغة العربية الفصحى، ويستخدم الأوزان والقوافي والبحور، أما الشعر العامي هو الشعر الذي يستخدم اللهجات العامية، ولا يتقيد بقواعد اللغة العربية الفصحى.

تتنوَّع موضوعات الشعر في العصر الجاهلي بين الفخر، والحماسة، والهجاء، والغزل، والرثاء، والحكمة، والوصف، والمديح، والنقد، والسخرية، والموعظة، والمناجاة، وغيرها.

تتمثل خصائص الشعر في العصر الجاهلي في البساطة، والصدق، والجرأة، والحيوية، والتعبير، والتصوير، والموسيقى، والجمالية، والتنافسية، والتأثير، والتوثيق، والتراث.

أهم شعراء العصر الجاهلي هم “امرؤ القيس”، و”زهير بن أبي سُلمى”، و”الأعشى”، و”النابغة الذبياني”، و”عنترة بن شداد”، و”الخنساء”، و”الفرزدق”، و”جرير”، و”الأخطل”، و”الشَّنفرَى” وغيرهم.

2. العصر الإسلامي:

هو الشعر الذي كُتِب بعد ظهور الإسلام وانتشاره في الجزيرة العربية والمناطق المجاورة، ويمتد منذ العصر النبوي والخلفاء إلى نهاية العصر الأموي.

تأثَّر الشعر في العصر الإسلامي بالقرآن الكريم والسنة النبوية والحضارة الإسلامية، وتنوعت أغراضه وموضوعاته وأساليبه ومدارسه، ومن أهم خصائص الشعر في العصر الإسلامي:

  • توظيف الشعر لخدمة الدعوة الإسلامية والنصرة والمقاومة والتعبير عن المشاعر والأفكار الإسلامية.
  • احتواء الشعر على معانٍ وألفاظ وصور مستوحاة من القرآن الكريم والأحاديث النبوية والسيرة النبوية.
  • اتباع الشعر لقواعد اللغة العربية الفصحى والبلاغة العربية والأوزان والقوافي والبحور.
  • ابتعاد الشعر عن الأغراض الجاهلية التي تتعارض مع الشريعة الإسلامية مثل الغزل الفاحش والمدح الزائف والفخر بالباطل.
  • انتشار الشعر العامي الذي يستخدم اللهجات العامية والمَحكية ولا يتقيد بقواعد اللغة العربية الفصحى.

من أبرز شعراء العصر الإسلامي “حسان بن ثابت”، و”كعب بن زهير”، و”الفرزدق”، و”جرير”، و”الأخطل”، و”المتنبي”، و”البحتري”، و”المعري”، و”المُتَّقي الهندي”، وغيرهم.

3. العصر الأموي:

هو الشعر الذي كُتِب في الفترة التي حكم فيها بنو أمية الدولة الإسلامية من عام 41 هـ إلى عام 132 هـ، وقد تأثر الشعر في العصر الأموي بالقرآن الكريم والسنة النبوية والحضارة الإسلامية، وتنوعت أغراضه وموضوعاته وأساليبه ومدارسه.

كان من أهم أغراض الشعر في العصر الأموي الشعر السياسي الذي يتناول الأحداث والصراعات والمواقف السياسية في ذلك العصر، والشعر الغزلي الذي يعبِّر عن المشاعر والعواطف والمحبة بين الرجل والمرأة، والشعر النقائضي الذي يتضمن المناظرات والمداخلات والردود بين الشعراء.

كان من أبرز خصائص الشعر في العصر الأموي تجويد الشعر والاهتمام باللغة والبلاغة والنحو والصرف، ولقد جمع الشعراء بين المعاني الجاهلية والمعاني الإسلامية، والاندماج مع الشعوب الأخرى والأخذ منها، والجدل في مضمار السياسة والدين.

من أبرز شعراء العصر الأموي “الأخطل الصغير”، وهو شاعر مدح وفخر وغزل، ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال، و”جرير” و”الفرزدق”، وهما شاعران نقائضيان ومنافسان في الهجاء والمدح، و”الخنساء”، وهي شاعرة رثاء، ومن أشهر قصائدها قصيدة في رثاء أخيها، و”عمرو بن كلثوم”، وهو شاعر فخر، ومن أشهر قصائده قصيدة البُردة.

4. العصر العباسي:

هو الشعر الذي نشأ وتطوَّر في العصر الذي حكمت فيه الدولة العباسية التي امتدت من عام 132 هـ إلى عام 656 هـ.

تأثر الشعر العباسي بالشعر العربي القديم والشعر الإسلامي، ولكنَّه أيضاً ابتكر واستحدث أشكالاً وأساليب وموضوعات جديدة، مستفيداً من التنوع الثقافي والحضاري في العصر العباسي.

من أهم خصائص الشعر العباسي الابتعاد عن القصائد المطولة والتجديد في المعاني والأفكار والأسلوب، واستخدام الأوزان والقوافي والموسيقى الداخلية، والطابع الشعبي في القصيدة.

من أبرز أغراض الشعر العباسي الدعوة العباسية، والغزل، والمجون والزندقة، والزهد والتصوف، والهجاء، والطرد والصيد، ومن أبرز شعراء العصر العباسي “أبو نواس”، و”البحتري”، و”ابن الرومي”، و”ابن المعتز”، و”المتنبي”، و”المعري”، و”البوصيري”.

5. العصر الأندلسي:

هو الشعر الذي نشأ وتطوَّر في الأندلس، وهي الأراضي التي فتحها المسلمون في شبه الجزيرة الإيبيرية من عام 92 هـ إلى عام 897 هـ.

تأثر الشعر الأندلسي بالشعر العربي القديم والشعر الإسلامي، وخاصةً الشعر العباسي، ولكنَّه أيضاً ابتكر واستحدث أشكالاً وأساليب وموضوعات جديدة، مستفيداً من التنوع الثقافي والحضاري في الأندلس.

من أهم أشكال الشعر الأندلسي الأزجال؛ وهي قصائد شعبية تُنظَم باللهجة الأندلسية وتُغنَّى بالموسيقى، والموشَّحات؛ وهي قصائد فنية تُنظَم باللغة العربية الفصحى وتتبع بناءً معيناً يسمى البحر الموشَّح، والزجل؛ وهو شعر مقاطعي يتضمن مناظرات ومداخلات بين الشعراء.

من أبرز شعراء العصر الأندلسي “ابن حزم الأندلسي”، وهو فقيه وفيلسوف وشاعر، ومن أشهر قصائده قصيدة في الغزل والعتاب، و”ابن زيدون”، وهو شاعر ووزير وعاشق، ومن أشهر قصائده “رسالة إلى ولَّادة”، و”ابن الخطيب”، وهو شاعر وطبيب وسياسي، ومن أشهر قصائده قصيدة في الحكمة والموت، و”ابن عربي”، وهو شاعر وصوفي ومتحدث، ومن أشهر قصائده قصيدة في التوحيد والعشق.

6. عصر الدول المتتابعة:

هو العصر الذي انتقل فيه الحكم الإسلامي من الخلافة العباسية إلى الدول والإمارات المستقلة أو النصف مستقلة، التي تتابعت في بلاد الشام، ومصر، والجزيرة العربية، والمغرب، والأندلس، والعراق، وفارس، وغيرها.

تميز الشعر في عصر الدول المتتابعة بالتنوع والتجديد والابتكار، واستمر في الاقتداء بالشعر العربي القديم والشعر الإسلامي، ولكنَّه أيضاً ابتدع أشكالاً وأساليب وموضوعات جديدة، مستفيداً من التنوع الثقافي والحضاري في ذلك العصر.

من أهم أشكال الشعر في عصر الدول المتتابعة الشعر الغزلي، وهو الشعر الذي يعبِّر عن المحبة والعشق والوله بين الرجل والمرأة، والشعر الصوفي، والشعر النقائضي، والشعر النثري.

من أبرز شعراء عصر الدول المتتابعة “ابن الفارض”، وهو شاعر صوفي ومتصوف، ومن أشهر قصائده “الطائية الكبرى” و”الطائية الصغرى”، و”ابن خفاجة”، وهو شاعر غزلي وأندلسي، ومن أشهر قصائده “ديوان الإنشاء”، والمُقري، وهو شاعر نقائضي مصري، ومن أشهر قصائده قصيدة في الهجاء على “ابن الرومي”، و”ابن الأميد”، وهو شاعر نثري عراقي، ومن أشهر قصائده قصيدة في الحكمة والعلم.

7. العصر الحديث:

هو الشعر الذي ظهر مع بداية القرن العشرين الميلادي، وتميز بالتجديد والابتكار والتحرر من قيود الشعر القديم؛ إذ يعبِّر الشعر الحديث عن مشاعر وهموم وقضايا الشعوب العربية في ظل التغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية التي شهدها العالم العربي.

يتنوع الشعر الحديث في أشكاله وأساليبه وموضوعاته، وينقسم إلى مدارس واتجاهات مختلفة، مثل الشعر الحر، والشعر المرسَل، والشعر النثري، والشعر الغنائي، والشعر العمودي، والشعر الشعبي، والشعر السياسي، والشعر الرومانسي، والشعر الصوفي، وغير ذلك.

من أبرز شعراء العصر الحديث:

1. نزار قباني:

نزار قباني

شاعر سوري، اشتُهر بشعره الغنائي والرومانسي الذي تناول فيه الحب والمرأة والوطن بأسلوب جريء ومبتكَر، وكتب أكثر من 70 ديواناً شعرياً، وتُرجِمت قصائده إلى لغات عدة، ومن أشهر قصائده “بلادي”، و”مرايا”، و”يا حبيبتي يا مالكة القلوب”.

2. محمود درويش:

محمود درويش

شاعر فلسطيني، عُدَّ رمزاً للشعر الوطني والثوري الذي عكس فيه معاناة الشعب الفلسطيني ونضاله من أجل الحرية والعدالة، وكتب أكثر من 30 ديواناً شعرياً، وحاز على جوائز أدبية عدة، ومن أشهر قصائده “رسائل من تحت الأرض”، و”أحبك أكثر مما تحبين”، و”أوراق الزيتون”.

3. بدر شاكر السياب:

شاعر عراقي، يُعَدُّ من رواد الشعر الحر في العالم العربي الذي كسر فيه القوافي والأوزان التقليدية، واستخدم لغة شعرية حديثة وموسيقية، وكتب أكثر من 20 ديواناً شعرياً، وتأثر بالشعر الغربي والشرقي، ومن أشهر قصائده “أنا والشلال”، و”الموت في البغداد”، و”الحب والحرب”.

4. أحمد مطر:

أحمد مطر

شاعر كويتي، يمتاز بشعره السياسي والاجتماعي الذي انتقد فيه الظلم والاستبداد والفساد في العالم العربي، ودافع عن قضايا الحرية والديمقراطية والتقدم، وكتب أكثر من 50 ديواناً شعرياً، وله مؤلفات في النقد والسياسة، ومن أشهر قصائده “بغداد لا تحزني”، و”أمير الظلام”، و”الماء والخضرة والوجه الحسن”.

في الختام:

نجد أنَّ تاريخ الشعر العربي يعكس تنوعاً ثقافياً وتطوراً مستمراً عبر العصور، فمنذ العصر الجاهلي وصولاً إلى العصر الحديث، شكَّل الشعر العربي جزءاً أساسياً من الهوية الثقافية للعرب، وبقي مصدراً للإلهام والجمال والتعبير عن المشاعر الإنسانية المختلفة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى