Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو صفي الدين الحلي؟ نسبه وحياته وشعره


هناك وُلد ونشأ شاعرنا المعروف صفي الدين الحلي في أسرة عربية معروفة ومرموقة، وهناك تعلم القراءة والكتابة، وقد خطَّ كثيراً من الدواوين وقصائد المديح؛ لذا دعونا نتعرف معاً في هذا المقال من هو صفي الدين الحلي وما هي أبرز قصائده.

نبذة عن صفي الدين الحلي:

اسمه هو عبد العزيز بن سرايا بن أبي القاسم الطائي المكنى أبو المحاسن، وُلد عام 1277م، وقد أجبره عمله في التجارة على التنقل الدائم بين عدة بلدان، فكان يتنقل إلى الشام ومصر وغيرها، وفي نهاية كل رحلة كان يعود دائماً إلى العراق.

لقد قربته كتابته للشعر من ملوك الدولة الأرتقية، إذ عمل على مدحهم، وهذا جعله يحظى بحسن عطاياهم، وعندما رحل إلى القاهرة حظي السلطان الملك الناصر أيضاً بقصيدة مدح من قبل صفي الدين.

لقد كان يتبع الديانة الشيعية، إذ بدا ذلك واضحاً في لغته الشعرية التي انعكست مباشرة على أسلوبه الأدبي، لكنَّه كان بالرغم من شيعته يمتدح جميع الصحابة ويوقِّرهم، وقد كان له عدد لا بأس به من القصائد المعروفة، وجُمِعَت قصائده في ديوان خاص.

حياة صفي الدين الحلي:

نشأ صفي الدين الحلي في أسرة عربية مرموقة، وتم تعليمه القراءة والكتابة في سن مبكرة، ومارس هوايات مختلفة منها الفروسية والصيد بالبندقية وكذلك الشطرنج، وقد عاش حياته في الفترة الزمنية التي تلت غزو المغول لبغداد؛ أي بعدما دمروا الخلافة العباسية عندئذ.

لقد أثرت هذه الظروف التي عاش فيها في أغراض شعره تأثيراً كبيراً، وقد حصل على علم واسع من قبل الشيخ جعفر بن الحسن الحلي، فأعطاه من العلم ما يشد به عضد أدبه وبلاغته، إذ كان إماماً وناثراً وبليغاً وناظماً.

لقد قضى الشاعر حياته في فترة نزاعات وخلافات وخصومات، وقد حصلت بعض النزاعات بشأن الرئاسة بين أخوال صفي الدين الحلي وبين آل أبي الفضل، خاصة بعدما قتل خاله عبد الله بن حمزة في مسجده.

عندما توفي خاله حزن عليه حزناً شديداً ورثاه بقصيدة حث فيها جميع قومه على أن يأخذوا بالثأر، فحصلت عندئذ معركة زوراء العراق، وشارك فيها شاعرنا فحقق النصر الكبير، ثم نظم قصيدة تتحدث عن هذا النصر، وعندما شعر صفي الدين الحلي بالخطر على حياته، غادر مدينة العراق ذاهباً إلى مدينة تسمى ماردين.

فور وصوله إلى ماردين اتصل بملكها المدعو “المنصور” وامتدحه بقصيدة سميت “درر النحو في مدح الملك المنصور”، ولذلك عاش طويلاً في حماية الملك المنصور وكذلك ابنه الصالح، وواظب خلال هذه الفترة على كتابة قصائد المديح والشعر بهم.

في تلك الفترة ألَّف عدة دواوين سماها باسم المنصور وابنه الصالح، وتم تسميتها “ديوان المنصوريات وديوان الصالحيات”، ومع ذلك لم يستقر صفي الدين كثيراً في كنف المنصور، إذ غادر إلى القاهرة، فجالس أدباءها وعلماءها ومنهم المؤرخ صلاح الدين الصفدي وعلاء الدين بن الأثير وكذلك المصري ابن نباتة.

الدليل على الأثر الكبير لحياة الشاعر في أغراضه الشعرية هو وجود مناسبة لكل قصيدة، وإضافة إلى ذلك، فقد صبغ لهجته المحكية على فنون شعره كالزجل والموشح، فكان عندئذ أول شاعر صنف كتاباً مختصاً عن الشعر العربي العامي.

لقد أورد بالكتاب بعض القصائد من الشعر العامي الذي ألفه هو وغيره من شعراء عصره، وقد سمي هذا الكتاب “العاطل الحالي”، وفي حياة الشاعر صفي الدين الحلي الاجتماعية أبدى بعض العلماء والأدباء إعجابهم به، فمدحوه.

شعر صفي الدين الحلي:

سنتعرف معاً إلى اقتباسات من شعر صفي الدين الحلي الذي نظمه لمختلف المناسبات والأغراض، واعتمدت تلك الأغراض على الأحداث التي وقعت في ذلك الوقت وجميع الظروف التي مر بها صفي الدين الحلي في ذلك الوقت، إضافة إلى رغبته أحياناً في كسب المال والأمان بصرف النظر عن عدِّها هوايته في الدرجة الأولى، واللافت في شعره أنَّه اتسم بفرادة خاصة ظهرت في أسلوب الشاعر ولغته، ومن هذه الأشعار الدالة على ذلك:

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

1. الشعر العاطل:

كتب صفي الدين الحلي شعراً يسمى بالشعر العاطل أو المهمل الذي تميز بخلو كلماته من النقاط، ومنه الآتي:

سَدَّدَ سَهماً ماعَدا رَوعَهُ

وَرَوَّعَ العُصمَ وَلِلأُسدِ صاد

أَمالِكَ الأَمرِ أَرِح هالِكاً

مُدِّرِعاً لِلهَمِّ دِرعَ السَواد

أَراهُ طولُ الصَدِّ لَمَّا عَدا

مَرامَهُ ما هَدَّ صُمَّ الصِلاد

2. التلاعب بكلمات القصائد:

اشتهرت له قصيدة أخرى تلاعب بكل مفردة من مفرداتها، وكذلك بألفاظها الغريبة، فكانت كل كلمة من كلماتها مصغرة، ومن أبيات هذه القصيدة الآتي:

نُقيطٌ من مُسَيكٍ في وُريدٍ

خُويلك أو وَسيمٌ في خُديدِ

وَذياك اللُّويمعُ فِي الضحيَّا

وَجيهكَ أم قميرٌ في سعيدِ

إقرأ أيضاً: معلقة عنترة بن شداد

3. القصيدة المعجمة:

كما عُرِفَت إحدى قصائده بوصفها قصيدة معجمة لا يوجد بها أي حرف مهمل كقوله:

فُتِنتُ بِظَبيٍ بَغى خَيبَتي

بِجَفنٍ تَفَنَّنَ في فِتنَتي

تَجَنَّى فَبِتُّ بِجَفنٍ يَفيضُ

فَخَيَّبتُ ظَنِّيَ في يَقظَتي

قَضيبٌ يَجيءُ بِزِيٍّ يَزينُ

تَثَنَّى فَذُقتُ جَنى جَنَّةِ

نَجيبٌ يُجيبُ بِفَنٍّ يُذيبُ

بِبَضٍّ خَضيبٍ نَفى خيفَتي

بِجَفنٍ يَجيءُ بِبيضٍ غَزَت

تَشَجُّ فَتَنفُذُ في جُبَّتي

4. القافية المتماثلة:

بدأت إحدى قصائد صفي الدين الحلي الشهيرة بحرف القاف وانتهت قافيتها كذلك بهذا الحرف، مثالها:

قِفي وَدِّعينا قَبلَ وَشكِ التَفَرُّقِ

فَما أَنا مِن يَحيا إِلى حينَ نَلتَقي

قَضَيتُ وَما أَودى الحِمامُ بِمُهجَتي

وَشِبتُ وَما حَلَّ البَياضُ بِمَفرِقي

قَضيتِ لَنا في الذُلِّ في مَذهَبِ الهَوى

وَلَم تَفرِقي بَينَ المُنَعَّمِ وَالشَقي

قَرَنتِ الرِضى بِالسُخطِ وَالقُربَ بِالنَوى

وَمَزَّقتِ شَملَ الوَصلِ كُلَّ مُمَزَّقِ

خصائص شعر صفي الدين الحلي:

كان شاعرنا صفي الدين الحلي واحداً من الشعراء الذين يمتلكون عزة نفس واضحة، ويتميز بشعره الخالي من التعقيد والشوائب، فعندما يتدفق شعره من فمه يكون مقروناً بالرقة والهدوء والبساطة بعيداً كل البعد عن التكلُّف والمبالغة باللفظ.

كما أنَّ الشاعر تميز بمدى وسع ثقافته العقيدية والتاريخية الكبرى، وهذا جعله يدخل الجدل العقيدي لأشعاره، ليدخل بذلك إلى القلب والعقل معاً، وقد تميز بلوحاته الجميلة واللفتات الإبداعية المحببة لقلوب محبي الشعر، فإليك قائمة بأبرز خصائص شعر صفي الدين الحلي:

  • طغى على أسلوب الشاعر قصائد المدح، خاصة وأنَّه تميز بمدح ملوك الأرتقيين، وكذلك ملوك حماة، ومدح أيضاً الناصر قلاوون وعلاء الدين بن الأثير، غير أنَّه لم يخرج من قالب مَن سبقه في قصائد المديح، كونه وصفهم كذلك بالشجاعة والسخاء والكرم وغيرها من المعاني.
  • من أهم خصائص شعر صفي الدين الحلي هو المبالغة في المدح، خاصة عند مدحه الملك الصالح بن الملك المنصور الأرتقي التي تميزت بمطلعها:
ما هبَّتِ الرِّيحُ إلَّا هزَّني الطرَبُ إذ كانَ للقلبِ في مرِّ الصبا أربُ
  • وقد كتب عدة قصائد في مدح الرسول محمد صلى الله عليه وسلم على الرغم من كونه شيعياً، وقد غلب على طابع هذه القصائد كثيراً من الاستغفار والسؤال عن العفو والصفح، وذلك عندما زار المدينة المنورة، فقال:
بكم يهتدي يا نبي الهدى ولي إلى حبكم ينتسب
به يكسب الأجر في بعثه ويخلص من هول ما يكتسب
وقد أم نحوك مستشفعاً  إلى الله مما إليه نسب
  • من خصائص شعره أيضاً الغزل، فنجده عفيفاً في أحد القصائد وجريئاً في الأخرى، ففي بعضها يكون حليف نزوة، وفي بعضها الآخر يصبح أسير شهوة، ليسير على خطى الشعراء المتهتكين، ومن أجمل أبيات الغزل العفيف التي نظمها البيت الآتي:
يا ضعيف الجفون أضعفت قلباً كان قبل الهوى قوياً ملياً
لا تحارب بناظريك فؤادي فضعيفان يغلبان قويا
  • لقد اتسم شعره بالذوق الرفيع والإبداع في الوصف والبراعة في التصوير، فتارة ما وصف الحدائق والمروج وتارة وصف الحيوانات والطيور، وكذلك فخامة القصور وجمال الموسيقى والغناء.
  • استعمل صفي الدين الحلي في شعره الألفاظ السهلة.

وفاة صفي الدين الحلي:

وُلد صفي الدين الحلي في الحلة بالقرب من الكوفة في خامس ربيع ثاني في عام 677هـ في 27 آب عام 1287م، أما وفاته فكانت في بغداد في بدايات عام 750هـ  أي في عام 1349م.

في الختام:

بعد أن أجبنا عن معظم تساؤلاتك عمَّن هو صفي الدين الحلي، يجب أن تعرف أنَّه من الشعراء الذين برعوا في معظم أنواع الأشعار، مثل: القصيدة والمشطر والمخمس وكذلك الموشح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى