اليوم العالمي للتعليم: احتفال بالإنسان والمعرفة

يُعدُّ التعليم في عالَمنا المعاصِر من أقوى الأدوات التي تغيِّر المجتمعات وتبني المستقبل؛ إذ يحتفل العالم في اليوم العالمي للتعليم بمساهمة التعليم في تمكين الأفراد وفتح آفاق جديدة من الفرص، لا يُسلِّط هذا اليوم الضوء على قيمة المعرفة فحسب؛ بل يعكس أهمية تعليم الإنسان في كافة مراحل حياته وأثره الكبير في التنمية المستدامة وتحقيق المساواة.
أصبح هذا اليوم الدولي للتعليم المستدام منذ إعلانه من قِبَل الأمم المتَّحدة مناسبة للاحتفال بالحق العالمي في التعليم، والتأكيد على أنَّه مفتاح أساسي لبناء عالم أكثر عدلاً وازدهاراً.
في هذا المقال، سنتعرف معاً على تاريخ هذا اليوم وأهداف اليوم العالمي التعليم في تحقيق التقدُّم البشري وتحقيق التعليم المستدام، وكيف ينشر كل فرد هذه الرسالة الإنسانية.
تعريف باليوم العالمي للتعليم وتاريخه
اليوم الدولي للتعليم المستدام هو مناسبة سنوية تحتفل بها الأمم المتحدة في 24 يناير من كلِّ عام، بهدف تسليط الضوء على أهمية التعليم في التنمية البشرية والاجتماعية. وقد أُعلِنَ عن هذا اليوم في عام 2018، بعد أن اعترفَتْ الأمم المتحدة بدور التعليم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدف الرابع الذي يركِّز على “التعليم الجيِّد والشامل للجميع”.
تتضمَّن أهداف اليوم العالمي للتعليم تعزيز الوعي حول أهمية التعليم المستدام باعتباره ركيزة أساسية لتحقيق السلام والعدالة في المجتمع، وكذلك تطوير المهارات الضرورية للتكيُّف مع تحديات العصر الحديث، كما يشجِّع هذا اليوم الحكومات والمنظمات الدولية على الاستثمار في التعليم، والتأكيد على ضرورة توفير بيئات تعليمية شاملة وعادلة.
من الهام أن نعرف أنَّ شعار اليوم العالمي للتعليم يتغير سنوياً ليعكس موضوعاً محدَّداً يرتبط بأولويات التعليم العالمية، يعبر شعار هذا اليوم عن الالتزام الجماعي لضمان حصول كلُّ طفل، وشاب، وكبير السِّنِّ على فرصة للتعليم، وتعزيز الحوار العالمي من خلال “يوم التعليم العالمي” حول كيفية سد الفجوات التعليمية وضمان الوصول إلى تعليم ذي جودة للجميع.
يبني اليوم العالمي للتعليم من خلال التعليم المستدام نظماً تعليمية تُحفز الإبداع والابتكار وتوفر فرص تعلمٍ مستمرة، ممَّا يعزز قدرة الأفراد على مواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية في عالم متغيِّر.
تعدُّ هذه المناسبة فرصة عظيمة لتحفيز الحوار العالمي حول ضرورة العمل الجماعي لدعم سياسات التعليم التي تعزِّز الكرامة الإنسانية، وتفتح آفاقاً جديدة للفرص والعدالة في العالم.
أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم
تعدُّ أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المتعلقة بالتعليم محوراً أساسياً في تعزيز المساواة والعدالة العالمية، فيُحقق التعليم المستدام الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، الذي يُوفِّر تعليماً شاملاً وعادلاً للجميع ويُعزِّز فرص التعلم مدى الحياة بحلول عام 2030، ويُجسِّد هذا الهدف الرؤية العالمية التي تضع التعليم في قلب التنمية الإنسانية والاجتماعية.
من أبرز أهداف اليوم العالمي للتعليم التي ترتبط بالتنمية المستدامة، القضاء على الأمية، وتعزيز المساواة بين الجنسَين في التعليم، وضمان حصول الأطفال والشباب في المناطق النائية والفقيرة على فرص تعليمية متكافئة، كما يدعم التعليم المستدام بناء مجتمعات أكثر سلاماً، إبداعاً، وابتكاراً.
يتجلَّى شعار اليوم العالمي للتعليم كلَّ عام ليعكس موضوعات متنوعة تتعلق بالتحديات والفرص التي تواجه التعليم في تحقيق التنمية المستدامة، ممَّا يجعله منصة عالمية للتوعية والتعاون بين الحكومات، والمنظمات، والأفراد.
إنَّ يوم التعليم العالمي هو فرصة لتذكير العالم بأنَّ الاستثمار في التعليم ليس خياراً؛ بل ضرورة لبناء مستقبل أكثر إشراقاً واستدامة، فمن خلال تعزيز نظم التعليم المستدام، يمكن أن يتحقَّق الازدهار الاقتصادي والعدالة الاجتماعية، ممَّا يجعل العالم أكثر استعداداً لمواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
شاهد بالفديو: 9 طرق للحفاظ على التركيز أثناء الدراسة
أهمية التعليم
1. التعليم بوصفه حقاً أساسياً للإنسان
التعليم هو أحد الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فهو يُعد حجر الزاوية في بناء المجتمعات القوية والمستدامة، ويضمن لكلِّ فرد فرصة متساوية لتحقيق إمكاناته الكاملة.
تُبرِز أهداف اليوم العالمي للتعليم أهمية التعليم بوصفه وسيلة لتحقيق المساواة الاجتماعية والتمكين الإنساني، ممَّا يعزز من التقدُّم باتِّجاه أهداف التنمية المستدامة.
2. دور التعليم في القضاء على الفقر والجوع
يعد التعليم أداة فعَّالة للتغلب على الفقر والجوع، فهو يُمكِّن الأفراد من الوصول إلى فُرص عملٍ أفضل ويُحسِّن مستويات الدخل؛ إذ إنَّ تعليم الأطفال والشباب يُقلِّل الفجوات الاقتصادية، كما يرفع الوعي حول أساليب الزراعة المستدامة والأمن الغذائي، ممَّا ينسجم مع رؤية التعليم المستدام.
3. علاقة التعليم بالصحة والبيئة
يُعزز التعليم الصحة العامة من خلال زيادة الوعي حول أساليب الحياة الصحية، الوقاية من الأمراض، وأهمية النظافة الشخصية، كما يحمي البيئة عن طريق نشر المعرفة حول الاستدامة البيئية، ويُبرِز شعار اليوم العالمي للتعليم دائماً العلاقة بين التعليم والصحة والبيئة بوصفها عناصر أساسية لبناء مستقبل أفضل.
4. التعليم بوصفه محركاً للابتكار والنمو الاقتصادي
التعليم هو المحرك الأساسي للابتكار والتقدم الاقتصادي، فهو يوفر للأفراد المهارات والمعرفة اللازمة لتطوير تقنيات جديدة وتحسين الإنتاجية، فتحصد البلدان التي تستثمر في التعليم فوائد اقتصادية طويلة الأجل، ممَّا يجعل يوم التعليم العالمي فرصة لتسليط الضوء على أهمية التعليم في بناء اقتصادات قوية ومستدامة.
التحديات التي تواجه التعليم
يواجه قطاع التعليم في جميع أنحاء العالم مجموعة متنوعة من التحديات التي تؤثر على جودة التعليم ووصول الجميع إليه. اليك بعض التحديات التي تواجه التعليم:
1. عدم المساواة في فرص التعليم
لا تزال هناك فجوة كبيرة في إتاحة فرص التعليم بين المناطق الحضرية والريفية رغم الجهود المبذولة، وبين الفئات الغنية والفقيرة، تُعدُّ معالجة هذه الفجوة من أهداف اليوم العالمي للتعليم التي توفِّر تعليماً مستداماً للجميع.
2. جودة التعليم وتطوير المناهج
يُعدُّ ضعف جودة المناهج التعليمية وعدم مواكبتها للتغيرات العالمية أحد أكبر التحديات، حيث يتطلَّب تحقيق التعليم المستدام تطوير المناهج، بحيث تلبِّي احتياجات السوق وتعزز من التفكير النقدي والابتكار.
3. تأثير التكنولوجيا في التعليم
تعد التكنولوجيا أداة قوية لتحسين التعليم، إلَّا أنَّ الفجوة الرقمية بين الدول تشكل عائقاً أمام توفير تعليم متساوٍ للجميع، فالتركيز على استخدام التكنولوجيا استخداماً فعَّالاً يتماشى مع أهداف شعار هذا اليوم.
شاهد بالفيديو: التعليم التقليدي والتعليم عن بُعد: إيجابيات وسلبيات
دور المجتمع في دعم التعليم
يلعب المجتمع دورًا حيويًا في دعم العملية التعليمية، فهو ليس مجرد مستفيد منها بل شريك أساسي في تطويرها وتحسينها. يمكن تلخيص دور المجتمع في دعم التعليم في النقاط التالية:
1. دور الأسرة في تشجيع التعليم
تؤدي الأسرة دوراً محورياً في دعم الأطفال والشباب لتحقيق تعليمهم، ويعزِّز تشجيع التعلم في المنزل، وتوفير بيئة داعمة، من إنجازاتهم الأكاديمية.
2. دور المؤسسات الحكومية والخاصة
المؤسسات الحكومية والخاصة مسؤولة عن تمويل التعليم وتطوير السياسات التعليمية التي تعزِّز من الجودة والشمولية؛ إذ إنَّ دعم هذه المؤسسات يُحقِّق أهداف التعليم المستدام.
3. دور المجتمع المدني والمنظمات الدولية
تؤدي المنظمات الدولية والمجتمع المدني دوراً أساسياً في تعزيز التعليم من خلال دعم المبادرات والمشروعات التي تحقِّق أهداف هذا اليوم، وتعزز هذه الجهود من قدرة الأفراد على تحقيق إمكاناتهم والمساهمة في تطوير مجتمعاتهم.
في الختام
يُعدُّ اليوم العالمي للتعليم مناسَبة سنوية تستحقُّ الأخذ بعين الاعتبار للتأمُّل في الدور المحوري الذي يؤديه التعليم في بناء الأفراد والمجتمعات، فالتعليم ليس مجرد حق أساسي؛ بل هو أداة للتغيير والتحول الإيجابي في العالم.
ومن خلال تحقيق أهداف التعليم المستدام وتعزيز المساواة والجودة، يمكن للتعليم أن يفتح أبواب الأمل والفُرص، خاصة في ظلِّ التحديات العالمية التي نواجهها.
إنَّ شعار هذا اليوم يجسِّد التزام المجتمع الدولي بتسخير قوة التعليم لإحداث فارق ملموس في حياة الأفراد، وهذا الشعار هو دعوة مفتوحة لجميع الأطراف: الحكومات، والمؤسسات، والأفراد، للعمل معاً لتعزيز التعليم بوصفه قيمة مستدامة تحقِّق النمو والابتكار.
لنكن جزءاً من هذا الجهد العالمي وندعم كل من موقعه رؤية هذا اليوم، فليس التعليم مجرد استثمار في الحاضر؛ بل هو زراعة بذور المستقبل، كما قال أحد الحكماء: “إذا أردتَ أن تحصدَ لعقدٍ، فازرَعْ شجرةً، وإذا أردتَ أن تحصدَ لمئةِ عامٍ، فعلِّم الإنسان”.