Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التدريس والتعلم

من هو الأعشى؟ نسبه وحياته وشعره


نسب الأعشى بن قيس:

يدعى الأعشى باسم ميمون بن قيس بن جندل بن شراحيل بن عوف، المعروف بلقب الأعشى الكبير، الذي يعني ضعف أو فقدان البصر ليلاً، وكان هذا اللقب مرتبطاً بالعرب وهو لقب يتصل بالغناء، ويعد الأعشى من بين عظماء الشعراء في العصر الجاهلي، فقد كان يكتب الشعر للملوك بهدف كسب المال والجاه.

ولد في قرية منفوحة في اليمامة، قرب الرياض في شبه الجزيرة العربية، والده قيس بن جندل، الذي لُقِّب بقتيل الجوع، فقد لجأ إلى مغارة ليستظل من أشعة الشمس فسقطت صخرة على مدخل المغارة وأغلقت، فمات جوعاً داخلها.

حياة الأعشى:

يعد الشاعر الأعشى أحد شعراء العصر الجاهلي العظماء، فقد اشتهر بمديحه للملوك بهدف التكسُّب، ولقِّب أيضاً بصناجة العرب، كما عُدَّ أستاذاً للشعر في العصر الجاهلي، وولد الأعشى في عام 570 ميلادي، ونشأ في بيئة خصبة تتميز بوفرة الماء والمرعى وأشجار النخيل، فترعرع تحت رعاية خاله، الشاعر المسيَّب بن سلع، وعاش الأعشى فترة طويلة وشهد ظهور الدين الإسلامي.

عبَّر الأعشى عن مشاعره تجاه هريرة المرأة التي أحبها بقصائد غزلية تنم عن نقي المشاعر دون أن يصف ملامحها بدقة، وكما يقال إنَّه تزوج امرأة من عنزة، لكنَّه لم يرتح لها ولم يجد فيها ما يلبي طموحه، فقرر الطلاق وعبَّر عن ذلك بأبيات شعرية، ومن خلال قصائده يظهر أنَّ لديه ابنة، تحثه على البقاء بجانبها وعدم السفر، لكنَّه أجاب بأبيات أخرى تعبر عن ضرورة سفره لمديح الملوك مقابل المال.

الأعشى في الإسلام:

عاش الأعشى في منطقة بعيدة عن مكة المكرمة والمدينة المنورة، لكن عندما سمع بالدين الإسلامي والدعوة إليه التي أطلقها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، قرر الإسلام والانضمام إلى صفوف المسلمين، فأعدَّ نفسه وانطلق نحو مكة لنطق الشهادة والدخول في الإسلام، وقد حمل معه قصيدة يمدح فيها النبي صلى الله عليه وسلم.

عندما انتشرت هذه الأخبار بين قبائل قريش عن قرار الأعشى بالانضمام لصفوف الإسلام، قرر أبو سفيان لقاء الأعشى على طريقه إلى مكة، وكان لهذا اللقاء بُعدٌ سياسي كبير، فكان الأعشى مشهوراً بقدرته القوية على الحديث والمناقشة، كما أنَّه قادر على رفع مكانة من يمدحه وتدميرها لمن يذمه في شعره.

فقد حاول أبو سفيان إقناع الأعشى بعدم دخول الإسلام، وعلى الرغم من المحاولات الجادة من أبو سفيان لإقناع الأعشى بعدم دخول الإسلام، إلا أنَّه أبدى عزماً قوياً على دخول الدين، ولكنَّه رفض الفكرة عند سماعه بأنَّه سيتخلى عن الأمور التي كان يعدها جزءاً من حياته، مثل شرب الخمر ولعب القمار، وهذا جعله يؤجل عزمه على الإسلام والعودة في العام القادم لدخوله الدين.

جعله أبو سفيان ينتظر ليرى من سيغلب في النهاية: دين محمد أم دين قريش؟ وقبل الأعشى بعرض أبو سفيان، الذي تضمن أيضاً تقديم مئة من الإبل مقابل عدم العودة إلى الإسلام، وعاد بها إلى قبيلته.

شعر الأعشى:

تميز الأعشى بالشعر الجاهلي وبقصائدهِ الكثيرة، بتناوله لفنون الشعر مثل: المدح، والهجاء، والغزل، ووصف الخمر، وهو أول شاعر عُرِف أنَّه يكتسب مالاً من شعرهِ، وكان كثير التردد على الملوك والسلاطين ويمدحهم ويُبالغ في مدحهم، وتعد معلقة الأعشى من أشهر المعلقات، ومن أشهر قصائده ما يأتي:

1. بني عمنا لا تبعثوا الحرب بيننا:

بني عمنا لا تبعثوا الحرب بيننا       كردِّ رجيع الرفض وارموا إلى السلم

وكونوا كما كنا نكون وحافظوا       علينا كما كنَّا نحافظ عن رهم

نساء موالينا البواكي وأنتم         مددتم بأيدينا حلاف بني غنم

فلا تكسروا أرماحهم في صدوركم     فتغشمكم إنَّ الرماح من الغشم

2. قالت سمية إذ رأت:

قالت سميَّة إذ رأت             برقاً يلوح على الجبال

يا حبَّذا وادي النجير             وحبَّذا قيس الفعال

القائد الخيل الجياد              ضوامراً مثل المغالي

التارك الكسب الخبيث           إذا تهيَّأ للقتال

3. يلمن الفتى إن زلت النعل زلة:

يلمن الفتى إن زلَّت النعل زلَّة       وهنَّ على ريب المنون خواذل

يقلن حياةٌ بعد موتك مرَّةٌ         وهنَّ إذا قفَّين عنك ذواهل

متى تأتنا تعدو بسرجك لقوةٌ       صبورٌ تجنَّبنا ورأسك مائل

صددت عن الأعداء يوم عباعبٍ     صدود المذاكي أقرعتها المساحل

4. أيا سيدي نجران لا أوصينكما:

أيا سيِّدي نجران لا أوصينكما      بنجران فيما نابها واعتراكما

فإن تفعلا خيراً وترتديا به        فإنَّكما أهلٌ لذاك كلاكما

وإِن تكفيا نجران أمر عظيمةٍ       فقبلكما ما سادها أبواكما

وإن أجلبت صهيون يوماً عليكما     فإنَّ رحى الحرب الدكوك رحاكما

خصائص شعر الأعشى:

يتميز شعر الأعشى بتنوع الأنماط والموضوعات، فقد جمع بين عناصر مختلفة مثل المدح والهجاء والغزل، وقد كان الأعشى يتميَّز بمهارته في وصف الأماكن وتصوير المشاهد والآثار، وكان شاعراً كثير السفر والترحال، وكان اسمه مرتبطاً بالمجالس والنوادي الأدبية، فكان يحظى بشعبية كبيرة بين القبائل والملوك، وعُرِف أيضاً بأنَّه شاعر المرأة والحياة اللاهية، وهذا أضفى إليه مكانة رفيعة في الثقافة العربية القديمة.

كما برع الأعشى في فنون الشعر الجاهلي، وتمتع بمكانة مرموقة في قبيلته وبين العرب بشكل عام، فكانت القبائل تعد شعراؤها من أهم رموزها وتقدرهم بشكل كبير، ومن أبرز ميزات شعر الأعشى كان تنوعه في الموضوعات والأنماط، وتجسيده للعواطف والمشاعر بطريقة فنية متقنة ومن خصائص شعر الأعشى:

شاهد بالفديو: حقائق ومعلومات قد لا تعرفونها عن اللغة العربية

 

1. بروز الحضارة المادية والروحية:

كما ذكرنا آنفاً، إنَّ الأعشى كان في طور ترحال متكرر بين أطراف الجزيرة العربية، فاهتم الشاعر بتصوير المظاهر الحضارية التي شاهدها خلال رحلاته، وتعرفه إلى العديد من الحضارات والثقافات المختلفة ومن بين الحضارات التي أثرت في شعره بشكل كبير، الحضارة الفارسية.

لقد وثَّق الأعشى في قصائده العديد من المظاهر الاجتماعية والثقافية لهذه الحضارة، مع التركيز على حياة اللهو والغناء، ومدح ملابس الفرس الملونة، والقصور الفخمة لملوك الفرس، ولم يغفل عن وصف الهوادج النسائية، فقد لفتته فخامتها وألوانها الزاهية، وهذا أضاف جمالية مميزة لشعره وثراءً للصورة التي رسمها في قصائده.

2. اعتماد الصور الفنية:

استخدم الأعشى الصور الفنية في شعره لنقل مشاعره وأفكاره، فكان يعبر عن إعجابه من خلال التصوير الفني والابتعاد عن التعبير الواضح والمباشر وتنوعت الصور التي استخدمها في قصائده كما يأتي:

التشبيه:

استخدم الأعشى التشبيه لإيصال انفعالاته وأحاسيسه بصورة فنية في كثير من أبياته الشعرية.

الاستعارة:

لجأ الأعشى إلى الاستعارة في شعره في مواضع كثيرة وأعطى نمطاً خاصاً به في قصائده.

الكناية:

استخدم الأعشى الكناية في التعبير عن مدحه للأشخاص، وكانت تكثر الكناية في مديح الملوك والأمراء، فتتصف بالمبالغة العالية فكان محبوباً عند الملوك لبراعته بانتقاء كلماته ومصطلحاته.

3. تنوع الأساليب والدلالة في الألفاظ:

يميل مديح الأعشى نحو تجسيد الحكمة والتجارب الواقعية، فيتضمن شعره الواقعي وتصوُّراته الملموسة، فشعره يُشبه بشكل كبير حقائق الحياة أو مشاعر الإنسان، وهذا يجعله يبدو كما لو كان يروي حقائق مسلية، ويعبر عن عواطف ملموسة، وقد ابتكر أسلوباً وكلمات جديدة في تأليف الشعر، وهذا جعله فريداً في التعبير من خلال:

أولاً: الألفاظ

تميز الأعشى في استخدامه للألفاظ الشعرية، فكان يلفت الانتباه بكثرة استخدامه للأسماء النكرة في وصفه للأشياء، فغالباً ما يصف الأشياء باستخدام النكرة، أو بتركيبات جملية، أو حتى بجملة كاملة، ويرتبط هذا الأسلوب الفريد بشكل أساسي بتعبيره عن الأشخاص الذين يمتلك علاقة مباشرة بهم عندما يقوم بمدحهم.

ثانياً: الأسلوب

شهد شعر الأعشى سيطرة واضحة لأساليب الشرط والاستفهام والتوكيد، فكان يفضل استخدام أدوات الشرط القاطعة في مدحه، وهذا يعكس التوكيد القوي لإيمانه، أما في الجمل الاسمية، فكان يتجه غالباً إلى تقديم المبتدأ بشكل مبسط، سواء بتنكيره أو بإدراج شبه الجملة، ليؤكد على وقوع الحدث وضرورة حدوثه.

وفاة الأعشى:

تروى القصص بأنَّ بعد منع أبو سفيان للأعشى وتقديم له مئة من الإبل وفي أثناء عودتهم، وصل إلى قرية اليمامة فسقط عن ناقته ومات مكانه، وقيل إنَّ ذلك كان في عام 629 ميلادي (7 هجري)، ويذكر أنَّ الأعشى قد أنفق ثروته فيما يعرف بالثلاث الحمر: الخمر واللحم والتطيب بالزعفران.

في الختام:

نجد أنَّ الأعشى شاعر من شعراء العصر الجاهلي المميزين، فترك أثراً عميقاً في تاريخ الشعر العربي، وبرع في استخدام الأساليب الشعرية المتنوعة وتجسيد الحكمة والتجارب الحياتية بأسلوب فريد، فكانت قصائده تتميز بالعمق والجمالية، وتحمل رسائل متنوعة تتناول مختلف جوانب الحياة والثقافة العربية في ذلك العصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى