التدريس والتعلم

أنواع الخطوط العربية


تاريخ الخط العربي:

كانت القبائل العربية قبل الإسلام تفضِّل حفظ القصائد الشعرية والملاحم الأدبية والنصوص النثرية شفوياً ونقلها كذلك من جيل إلى جيل، إضافة إلى أنَّ شبه الجزيرة العربية هي الموطن الأصلي لمجموعة مختلفة من اللغات الراقية القديمة، وكانت البدايات الأولية للخط العربي في الجاهلية. ولنبدأ بالتعرف الى تاريخ الخط العربي:

يعود الفضل للدولة الفينيقية في نشأت الخط العربي، فهي أول ما نقلت الأحرف والكتابات القديمة، وبعدها تفرعت هذه الأحرف إلى فروعها الستة، وهي:

  1. التدمري.
  2. الهندي.
  3. الفلهوي.
  4. العبري السرياني والمربع.
  5. الفارسي.

بعدها تطوَّر الخط السرياني إلى الخط النبطي الذي بدوره تطوَّر للخط العربي، فبدأ التطور الأول في كتابة الخط العربي خلال عصر الحضارة الإسلامية، وبشكل أدق مع بداية رسالة الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، فهو أول مَن قام بنشر الخط العربي.

عندما نزل القرآن الكريم تمت كتابته على خط الجزم، وسمي آنذاك بالخط المكي، علماً أنَّ أول نسخة قرآنية كتبها “زيد بن ثابت” خلال زمن الخليفة “عثمان بن عفان” رضي الله عنه (644-656م).

الجدير بالذكر أنَّ أول مدرسة كتابة ظهرت بعد معركة بدر، عندما طلب النبي عليه الصلاة والسلام من أسرى المعركة تعليم الأولاد الكتابة في المدينة المنورة، وقد عمل العرب في بدايات الإسلام على نوعين من الخطوط، هما:

1. الخط الحجازي:

سمي بالخط الدارج، واستخدمه الناس في كتاباتهم نظراً لمرونته وسهولته، فكان يُكتَب بشكل عشوائي؛ لأنَّه لا يخضع لأيَّة قواعد، ولهذا السبب لم تُكتَب به المصاحف.

2. الخط الكوفي:

يُعَدُّ أساس الخطوط العربية وأساس كتابة الخط العربي، فقد كان الكتَّاب يستخدمونه لكتابة الآيات القرآنية على سعف النخيل دون همزات أو نقاط أو تشكيلات.

أنواع الخطوط العربية:

تتنوع طرائق الكتابة في اللغة العربية باختلاف طريقة كتابة الخط العربي، وسنقدِّم لكم الآن لائحة مفصلة عن أهم الخطوط العربية وأنواعها، فتابعوا القراءة:

أولاً: الخط الكوفي

كما جرت العادة عند العرب، فقد كانوا يطلقون التسميات والكنى بحسب المنطقة التي يأتي منها الشيء، ولذلك سمي الخط الكوفي بهذا الاسم، نسبة لمدينة “الكوفة” في “العراق” الذي انتشر فيها هذا الخط مزامنة مع انتشار الإسلام.

على الرغم من تسميته بأسماء عدة أخرى كالحجازي والنبطي والمكي، يُعَدُّ الخط الكوفي من أقدم أنواع الخطوط العربية، وقد نال كثيراً من الاهتمام والترقية ولا سيما في زمن الدولة العباسية؛ إذ كانوا يجملونه وأدخلوا عليه النقوش والزخارف، وبذلك امتلك جمالاً خاصاً ميزه عن باقي الخطوط.

إضافة إلى ذلك، فقد استُخدِم للكتابة منذ القرون الأولى، وعمل بعض المؤرخين على تسميته بحسب المكان، فكانوا يقولون الشامي والكوفي والبغدادي والمغربي، وبعضهم سماه بالكوفي الأيوبي والكوفي الحديث والكوفي الفاطمي.

ما يزال يوجد اختلاف في الآراء بشأن عدد أنواع الخط الكوفي، فبعضهم يقول إنَّ عدد أنواعه 30 نوعاً، وبعضهم الآخر يقول إنَّه يتجاوز الـ 50 نوعاً.

ثانياً: الخط الريحاني والخط المحقق

المحقق هو واحد من أنواع الخطوط العربية جميلة المظهر والكتابة، فهو يتميز بانضباط شكله، بحيث يكاد يخلو من الالتفافات والطيات، والجدير بالذكر أنَّ القليل من الخطاطين يجيدون كتابته، بسبب صعوبته وضرورة الدقة في كتابته.

أما الريحاني فقد جاء اسمه من نبات الريحان، وبشكل أدق من أعواد الريحان ذات الرائحة العطرية الفاتنة؛ إذ يملك هذا الخط شكل الريحان، وقد وصف عدد من الشعراء هذا الخط الجميل في أشعارهم.

في النظرة الأولى لهذين الخطين وبالمقارنة مع خط الثلث، قد يظن بعضهم أنَّ الثلاثة لها نفس القواعد ونفس الشكل، لكن في الحقيقة الضوابط والحركات في الخط المحقق ألطف بكثير من خط الثلث.

لم يستطع المؤرخون تحديد زمن نشأة هذين الخطين، لكن من المتوقع أنَّهما يعودان للعصر العباسي، ويشير بعضهم إلى أنَّ الخط الريحاني تم اشتقاقه من الخط المحقق، وقد ظهر الريحاني بعد فترة طويلة من ظهور الخط المحقق.

لقد اشتهر المحقق والريحاني كثيراً في عهد “ابن البواب”، حتى بلغا الكمال، إضافة إلى ذلك، فقد عمل المؤرخون والكُتاب والأمراء على استخدامهما في القرنين العاشر والحادي عشر من الفترة الإسلامية؛ إذ كانت الدواوين والصحف والوثائق تُكتَب بهما.

ثالثاً: خط الثلث

الثلث هو خط المصاحف القديمة والوثائق الأثرية، وقد شكَّل محط اختلاف بين المؤرخين لمعرفة أصل تسميته وكذلك معناه، وقد قيل إنَّه من الخطوط المستقيمة المستوية، وقُطِع منها الثلث، فسمي نتيجة لذلك بالثلث.

استُخدِم هذا الخط لكتابة أسماء الكتب وبدايات السور القرآنية، وكذلك في كتابة أجزاء الكتب والألوان، وقد أبدع الخطاطون فيه ولا سيما في العصر العباسي، وأضافوا إليه الزخارف والتشكيلات، وهذا ما زاد من جماله، والجدير بالذكر أنَّ هذا الخط حافظ على شعبيته وأدائه ووجوده القوي، ويدعى الثلث بأم الخطوط العربية، ولقلمه نوعان بحسب ما قال “القلقشندي”، وهما:

1. الثلث الثقيل:

تُقدَّر مساحته بثماني شعرات، ومبسوطاته ومنتصباته بسبع نقاط بحسب القلم.

2. الثلث الخفيف:

شبيه بالثلث الثقيل، إلا أنَّ صوره وشكله أدق منه بقليل، وتكون مقدار مبسوطاته ومنتصباته خمس نقاط فقط لا غير.

رابعاً: خط النسخ

هو واحد من طرائق كتابة الخط العربي، ويتميز ببساطة كتابته وجمالها، ولا تتوفر كثير من المعلومات عنه، إلا أنَّ الخبراء أشاروا إلى ظهوره في عهد “ابن مقلة” عام 310 للميلاد، ويسمى أيضاً بخط النُّساخ كما جاء في زمن “المأمون”، ويُعرَف كذلك بخط النسخي.

خط النسخ

من المتوقع أنَّ خط النسخ مشتق من خط الثلث، وبعد التدقيق في النماذج الخطية للعصر العباسي بينه وبين خط الثلث وخط الريحان وخط المحقق، نجد أنَّ الخطوط الأربعة تتشابه كثيراً، وقد استخدمه الكُتاب والخطاطون بكثرة لسهولة التعامل معه، ويُعَدُّ من أكثر أنواع الخطوط تداولاً في كتابة المصحف الشريف بعد الخط الكوفي، وكذلك في النقوش المعدنية وغيرها.

خامساً: الخط الفارسي

تشير التوقعات إلى أنَّه مشتق من خط الرقعة وخط النسخ، ويسمى أيضاً بخط التعليق، وقد ظهر وامتد لفترة في القرنين الهجريين الخامس والسادس، وتابع تطوره إلى أن وصل إلى كماله في القرن الثامن الهجري.

الخط الفارسي

لقد ظهر هذا الخط في بلاد “فارس” و”الهند” و”أفغانستان”، وكانوا يستخدمونه منذ القرن الخامس لجمال شكله، حتى إنَّه حلَّ محلَّ خط الثلث، ويُعَدُّ “ميرعلي التبريزي” أول من وضع قواعد كتابته، ثم قام “عماد الدين الشيرازي” بتحسينه وتطويره، كما ظهر خط مشابه للخط الفارسي، وهو خط “الشكسته”، والجدير بالذكر أنَّه لا يوجد كثير من الفروق بينهما.

سادساً: الخط الديواني

هو واحد من الخطوط السلطانية التي كانت تُستخدَم في البرقيات في الزمن السابق، بحيث كان لا يعرفه سوى مَن يعمل في القصور أو يكتب الدواوين والأوسمة والتوقيعات فيها وكذلك الوزراء والحكام، وقد عُرِف بالخط المقدس أو الخط الهمايوني قبل أن يسمى بالخط الديواني؛ إذ سُمِّي بالديواني لكثرة استخدامه في كتابة دواوين الدولة.

الخط الديواني

يُعَدُّ الأتراك أول من قاموا بتطوير هذا الخط، ووُضِعت قواعد الكتابة بهذا الخط في عهد السلطان “محمد الفاتح” على يد الخطاط “إبراهيم منيف” التركي بعد فتح مدينة “القسطنطينية”، وبعد الانقلاب التركي أُهمِل هذا الخط كاملاً، وشاع استخدام الحروف التركية اللاتينية.

بعدها جاء عدد من الخطاطين الذين طوروا هذا الخط وقاموا بتجويده، إلى أن سمي بالخط الغزلاني نسبة إلى الخطاط “مصطفى غزلان” المصري الذي جمَّله بشكل كبير وأعطاه رونقاً وحسناً.

سابعاً: خط الرقعة

هو واحد من أسهل أنواع الخطوط العربية، وبكونه سهلاً فهذا لا يعني التقليل من شأنه أو إهماله، فهو يملك قواعد خاصة فيه وشروطاً معينة للكتابة كما في باقي الخطوط.

خط الرقعة

يُعَدُّ خط الرقعة من الخطوط المتينة والواضحة والمفهومة، لذلك يُستخدَم في دواوين الدولة، وقد اهتم به الخطاطون كما اهتموا بباقي الخطوط وتركوا نماذج مميزة له، وبحسب ما جاء في التاريخ أنَّ العثمانيين هم أصحاب هذا الخط، وقد استخدموه بالقرن التاسع وحتى الحادي عشر هجري.

لأنَّ الناس أرادوا السرعة في الكتابة والسهولة والجمال والليونة وإنشاء العقود والدواوين، فقد استخدموا خط الرقعة استخداماً كبيراً، ولهذا السبب تطور تطوراً كبيراً في العقد الثاني عشر هجري، إضافة إلى أنَّه ينسجم مع حركة اليدين انسجاماً جيداً، ومن الهام أن ننوه إلى الدور الكبير للخطاطين الأتراك في وضع قواعد كتابة هذا الخط.

بعض أنواع الخطوط العربية الأخرى:

توجد بعض الأنواع الأخرى لكتابة الخط العربي، نذكر منها:

  1. الطومار.
  2. الجلي.
  3. المغربي.
  4. الإجازة.
  5. الحر.
  6. السوداني.
  7. السنبلي.
  8. القدوسي.

في الختام:

لقد شرحنا لكم أنواع الخطوط العربية، ونرجو أن يحظى المقال بتقديركم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى