التدريس والتعلم

الثقافة الترويحية في المدرسة: أهميتها وأهدافها وأغراضها وآثارها


تسعى هذه الثقافة إلى توفير أفضل بيئة تعليمية للطلاب وتعزيز نجاحهم وازدهارهم، فإذا كنت من الذين ما زالوا يعتقدون أنَّ المدرسة مكان ممل وجامد تعال معنا في هذا المقال لتعرف كيف يمكن للمعرفة أن تكون ممتعة، سننقلك إلى عالم حيوي ويضج بالإبداع وتلتقي فيه الثقافة بالترفيه والتعليم لتشكيل تجربة تعليمية فريدة، سنكشف عن أهمية هذه الثقافة الترويحيَّة وكيف يمكن أن تُحدِث تغييرات جذرية في تعلم الطلاب، ونتعرف إلى أهدافها وأغراضها المتعددة وكيف يمكن أن تكون مفيدة للأفراد والمجتمع على حد سواء.

مفهوم الثقافة الترويحيَّة في المدرسة:

الثقافة الترويحيَّة في المدرسة مفهوم يجمع بين الجوانب التعليمية والترفيهية والاجتماعية في بيئة التعلم، إنَّها تسعى إلى تحقيق تجربة تعليمية أكثر إثراء وإلهاماً للطلاب، وذلك من خلال دمج الثقافة والفنون والنشاطات الترفيهية في البرنامج الدراسي، فالفرد عندما ينفذ أو يمارس النشاطات الترويحية بطريقة مدروسة وموجَّهة وبناءً على أسس علمية وتربوية، فإنَّ عملية التربية أيضاً تتم في نفس الوقت.

يُقصَد بالثقافة الترويحيَّة، النشاطات التي يتم اختيارها بما يتناسب مع رغبات الفرد وإرادته، بحيث تحقق الفرح والسرور والمتعة للفرد، وتعمل على إكسابه القيم الاجتماعية والشخصية، وينتج عن وجودها إحساس الفرد بالرضى وبمشاعر القبول والنجاح والقيمة الذاتية، فهي كما جاء في قاموس ويبستر Webster إنعاش للروح من بعد الكد، لهو وتسلية.

تشير الثقافة الترويحيَّة في المدرسة إلى النشاطات والبرامج التي تقوم بها المدرسة بهدف توفير بيئة مناسبة للترفيه والاسترخاء والتفاعل الاجتماعي الإيجابي وتحسين الصحة والرفاهية وتخفيف الضغط النفسي الناتج عن الضغوطات الدراسية للطلاب بصورة مفيدة، ويشمل ذلك الألعاب الرياضية، والفنون التمثيلية، والألعاب الجماعية، وورش العمل الإبداعية، وورش عمل عن إدارة الضغط والنوادي الطلابية والفعاليات الثقافية والاجتماعية والصحية.

أهمية الثقافة الترويحيَّة في المدرسة:

الثقافة الترويحيَّة في المدرسة جزء هام من تجربة التعلم والنمو للطلاب، إنَّها البعد الذي يوفر لهم فرصة للهروب من ضغوطات الدراسة وتجاربهم اليومية في المدرسة، والتي قد تكون مؤلمة في بعض الأحيان، ووجودها يعني الاستثمار الفعال لأوقات الفراغ، فهي الجسر الذي يربط بين الجوانب الأكاديمية والجوانب الشخصية والاجتماعية للتنمية الشاملة للفرد، وتتلخص أهمية الثقافة الترويحيَّة في المدرسة فيما يأتي:

1. الثقافة الترويحيَّة حصناً للقيم والعقائد في عالم متغير:

رغم أنَّ التغيرات في العقائد والمعتقدات والقيم في المجتمع تسير ببطء، لكنَّها شديدة التأثير في سلوك الأفراد؛ لذا يمثل استخدام الثقافة الترويحيَّة في المدرسة وسيلة هامة لحماية المعتقدات والقيم؛ من خلال الأساليب التي تعتمدها كالقصة والحوار والمسابقات والألعاب الجماعية والتمثيل الهادف.

على سبيل المثال تشجيع الثقافة الترويحيَّة على التفاعل بين الأفراد من خلفيات ثقافية متنوعة، يساهم في تعزيز فهم الطلاب للتنوع واحترام الاختلافات الثقافية، وهذا بدوره يساهم في حماية قيم التعدد الثقافي والتعايش السلمي في المجتمع والتعاون في سبيل ازدهاره.

2. الثقافة الترويحيَّة أسلوب لتشكيل الشخصيات وإكساب القيم للأفراد:

1. الصفات البدنية:

تشمل النشاطات الترويحيَّة في المدرسة الألعاب الرياضية والنشاطات البدنية المتنوعة مثل الركض والسباحة والرياضات الجماعية، تساعد على تحسين لياقة الجسم والقدرة على ممارسة النشاط البدني بشكل صحي، وتطوير المهارات الحركية مثل اللياقة البدنية، والتوازن، والإيقاع، والتنسيق بين العينين واليدين وتحسين الجاهزية البدنية وتقوية جهاز المناعة وتقليل مخاطر الأمراض المزمنة والتخلص من الضغط العصبي والتعود على استراتيجيات بنَّاءة في الاسترخاء وفي ممارسة بقية النشاطات في الحياة.

2. الصفات النفسية:

تشجع النشاطات الترويحيَّة في المدرسة على التفكير الإبداعي وتطوير مهارات الإبداع وتزيد من الثقة بالنفس، تساعد النشاطات الترويحيَّة أيضاً على بناء الصداقات وتعزيز التواصل الاجتماعي وتنمية مهارات التعاون وزيادة القدرة على التحمل وإدارة الضغوطات واكتساب تقنيات الاسترخاء والتأمل والانضباط الذاتي، إضافة إلى التحلي بالمرونة النفسية نتيجة التعامل مع التحديات المختلفة، كما تشجع الثقافة الترويحيَّة على النظر إلى الجانب الإيجابي من الأمور وتعزز التفاؤل والمشاعر الإيجابية وزيادة الهمة والتحفيز للتعلم وتحقيق الأهداف الشخصية والأكاديمية.

3. الصفات العقلية:

تتأثر مجموعة من الصفات العقلية إيجاباً بوجود الثقافة الترويحيَّة في المدرسة، وتشجع النشاطات الفنية والإبداعية على تطوير مهارات الإبداع والتفكير النقدي وحل المشكلات، والتمرينات الهادئة مثل التأمل واليوغا تمكن الطلاب من تطوير مهارات الاستدراك والتركيز الذهني.

شاهد بالفديو: 12 نصيحة لتسريع عملية التعلم

 

3. الثقافة الترويحيَّة، جسر نحو التفكير الواقعي:

تعمل الثقافة الترويحيَّة على تشجيع الطلبة على التفكير بأسلوب علمي يعتمد على تقصي الحقائق والأسباب وراء كل عمل، وتبعد الأفراد عن القلق والتوتر وتسهم في تأكيد الذات المفكرة تجاه كل ما يواجه الفرد من تجارب يومية.

4. علاج عيوب الشخصية:

تعمل الثقافة الترويحيَّة على علاج عيوب الشخصية بطريقة غير مباشرة، دون أي جرح لمشاعر الفرد، فمن خلال ممارسة النشاطات والألعاب المختلفة يتجاوز الفرد بشكل تلقائي العديد من عيوب الشخصية مثل الأنانية التي تغادر الفرد تلقائياً نتيجة اشتراكه المستمر في الألعاب والنشاطات الجماعية.

5. تحمُّل المسؤولية واحترام العمل:

عندما يشارك الطلاب في النشاطات الترويحيَّة، يصبحون مسؤولين عن مهام وأدوار معينة، وهذا يعلمهم كيفية الالتزام بالمهام وإتمامها بنجاح، كما أنَّ النشاطات الترويحيَّة غالباً ما تشجع على العمل الجماعي والتعاون بين الطلاب، وهذا يعزز تفهمهم لأهمية الاعتماد على بعضهم بعضاً والعمل كفريق، إضافة إلى ذلك النشاطات الترويحيَّة تمنح الفرصة للطلاب لتطوير مهارات القيادة وتحمُّل المسؤولية عن الآخرين والالتزام بالجدول الزمني واحترام القوانين والقواعد والتحلي بالانضباط الذاتي.

6. الثقافة الترويحيَّة، نافذة تحول المدرسة من النمط التقليدي إلى مركز الإبداع:

تركز المدرسة التقليدية على تلقين المعلومات وتهمل أوقات الفراغ وتبتعد عن واقع الطلبة، لكن بوجود الثقافة الترويحيَّة في المدرسة تغير كل شيء، فتقديم نشاطات تعليمية متنوعة وممتعة مثل الفنون والرياضة والنشاطات الاجتماعية، يسهم في تحفيز تفكير الطلاب وتشجيعهم على المشاركة الفعَّالة وتحفيز الإبداع وتعزيز مهارات الحلول المبتكرة والتفكير النقدي، وهذا يجعل المدرسة مكاناً أكثر إلهاماً للطلاب بعيداً عن أساليب التلقين المملة في المدرسة التقليدية. 

أهداف الثقافة الترويحيَّة في المدرسة:

  • تعزيز التعلم بأساليب تفاعلية وممتعة، وهذا يسهم في تحسين أداء الطلاب الأكاديمي.
  • تنمية مهارات التواصل، وبناء الثقة بالنفس، وتطوير المهارات الاجتماعية لدى الطلاب.
  • تعزيز الصحة واللياقة البدنية.
  • تطوير مهارات الطلاب في مجالات مثل الفنون والموسيقى والأداء الإبداعي.
  • تعزيز التفاعل الاجتماعي الإيجابي والعلاقات بين الطلاب وبين الطلاب والمعلمين.
  • تطوير مهارات التفكير النقدي وقدرة الطلاب على حل المشكلات.
  • تعزيز الوعي الثقافي والتعددية.
  • تنمية القيم والأخلاق الإيجابية لدى الطلاب.

أغراض الثقافة الترويحيَّة في المدرسة:

تتبنَّى المدارس اليوم فهماً أعمق لأهمية الثقافة الترويحيَّة وكيف يمكن أن تلبي احتياجات الطلاب بشكل شامل، ويعتمد نجاح هذا النهج على فهم دقيق لأهداف وأغراض الثقافة الترويحيَّة في المدرسة والتي تتلخص بما يأتي:

1. غرض حركي:

النشاط البدني هو الهدف الأول والأساسي من الثقافة الترويحيَّة في المدرسة.

2. غرض اجتماعي:

تذكير الفرد بأنَّه كائن اجتماعي ويحتاج دائماً إلى التعاون مع الآخرين لعيش حياته بسعادة.

3. غرض نفسي:

التفكير الواقعي والاستدراك والثقة بالنفس والإبداع والتفكير النقدي والتأملي والتحليل وحل المشكلات والتواصل والانضباط الذاتي والتعامل مع الضغوطات وتنمية المرونة النفسية؛ جميعها من أغراض الثقافة الترويحيَّة.

4. غرض تعليمي:

من أغراض الثقافة الترويحيَّة تعزيز التعلم النشط، تطوير مهارات القيادة، تعزيز الوعي الثقافي، تنمية مهارات الحلول واتخاذ القرارات، تعزيز مهارات التوجيه والتخطيط، تنمية مهارات البحث والتفكير النَّقدي، تشجيع الاستقلالية في التعلم.

5. غرض ابتكاري:

تسعى الثقافة الترويحيَّة في المدرسة إلى توفير الفرص التي تحثُّ الفرد على الإبداع والابتكار.

شاهد بالفديو: 7 معايير أساسية لاختيار المدرسة الأنسب لطفلك

 

آثار الثقافة الترويحيَّة في المدرسة:

تأتي أهمية الثقافة الترويحيَّة من الآثار التي تحققها، فتوجد عدة تأثيرات إيجابية لوجودها في المدرسة، وأهمها:

1. إشباع الحاجات الجسمية للفرد:

تسهم النشاطات البدنية والرياضية في الثقافة الترويحيَّة في تلبية الاحتياجات البدنية للطلاب، فتعزز اللياقة البدنية والصحة الجسدية.

2. إشباع الحاجات الاجتماعية:

يسهم توفير الفرص للطلاب للتفاعل مع زملائهم والمعلمين في سياق غير دراسي في تلبية حاجاتهم الاجتماعية، ويمكن أن تسهم النشاطات الاجتماعية والثقافية في بناء علاقات إيجابية وتعزيز التواصل الاجتماعي.

3. إشباع الحاجات العلمية:

تعزِّز الثقافة الترويحيَّة التعلم وتقديم فرص لتوسيع المعرفة وتنمية مهارات جديدة، وتعمل النشاطات المعتمدة على المتعة والاستمتاع على تحفيز الفرد للتعلم.

4. إشباع الاحتياجات العقلية:

توفير فرص التفكير النقدي وحل المشكلات من خلال نشاطات تحفيزية يمكن أن يلبي الاحتياجات العقلية للطلاب ويساهم في تطوير مهاراتهم العقلية.

إقرأ أيضاً: كل ماتحتاج معرفته عن المدرسة واستقبال العام الدراسي الجديد

5. إشباع الاحتياجات الثقافية:

تزيد الوعي بالثقافات المختلفة وتعزز فهم الاختلافات الثقافية وتعزيز التسامح واحترام التنوع الثقافي.

6. إشباع الحاجات النفسية:

يساهم توفير الفرص للتعبير عن الإبداع والمهارات الشخصية من خلال الفنون والنشاطات الإبداعية في تحسين الرضى الذاتي ورفاهية الفرد.

7. زيادة الإنتاجية:

تسهم الثقافة الترويحيَّة عندما يحسن استخدامها واختيار النشاطات المناسبة في تحسين إنتاجية الفرد.

في الختام:

تمثل الثقافة الترويحيَّة في المدرسة جزءاً أساسياً من تجربة التعلم والنمو للطلاب، إنَّها تعكس التزام المدارس بتقديم تعليم شامل يتجاوز الأمور الأكاديمية ليشمل تطوير الجوانب الشخصيَّة والاجتماعية والثقافية والنفسية، وتوفير الفرص للطلاب للاستمتاع بالنشاطات الترويحيَّة له تأثير إيجابي في حياتهم في المدرسة وما بعدها، فعندما يتعلَّم الطلاب بمتعة واستمتاع، يكونون أكثر استعداداً لاستكشاف المعرفة وتطوير مهاراتهم، وهذا يعزِّز النجاح الأكاديمي والشخصي، إلى جانب ذلك، تساهم الثقافة الترويحيَّة في تنمية القيم والأخلاق الإيجابية وتعزيز التواصل الاجتماعي وبناء علاقات قوية، وتعزيز الصحة البدنية واللياقة البدنية والوعي الثقافي كذلك، باختصار تعكس الثقافة الترويحيَّة في المدرسة الجهود المستدامة لتحقيق تنمية شاملة للطلاب وتمهيد الطريق لمستقبل أكثر نجاحاً وتوازناً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى