التدريس والتعلم

استراتيجيات التعليم والتعلُّم


هذه المقولة قابلة للإسقاط على كثير من المفاهيم في حياتنا، أفكِّر في التعلُّم، وأشعر أنَّ هذه المقولة تنطبق عليه أيضاً مثالياً، فنحن ندخل المدرسة، ونتلقى العلوم من كتبها ومعلميها، ولكنَّنا نخفق أحياناً في تعلُّم هذه العلوم؛ إذ لم نعِ الاستراتيجيات اللازمة لتمكِّنُنا من تشرُّب هذه المعارف؛ لذا فإنَّ موضوع مقالنا لهذا اليوم هو استراتيجيات التعليم والتعلُّم، هذه الأدوات التي تعلِّمنا كيف نتعلَّم.

ما هي استراتيجيات التعليم والتعلُّم؟

هي مجموعة الأدوات والممارسات التي يقوم بها كل من المُعلِّم والمُتعلِّم، والتي تصبُّ في مصلحة استيعاب المادة التعليمية بأفضل صورة ممكنة، وهذا يتوقف على عاملين، هما: حسن الإرسال من قبل المُعلِّم الذي تدعمه استراتيجيات التعليم، وحسن الاستقبال من قبل المُتعلِّم الذي توطِّده استراتيجيات التعلُّم، ولن تتَّضح هذه الصورة إلا بتحديد الفرق بين هذه الاستراتيجيات، ونعني الفرق بين استراتيجيات التعليم واستراتيجيات التعلُّم.

ما هو الفرق بين استراتيجيات التعليم واستراتيجيات التعلُّم؟

توضيح الفرق بين استراتيجيات التعليم واستراتيجيات التعلُّم يمكن من خلال ذكر تعريف مُوضَّح لكلٍّ منهما، فاستراتيجيات التعليم هي مجموعة الخطط المُنظَّمة والأساليب التي يتَّبعها المُدرِّس من أجل الأخذ بيد طلبته نحو تحقيق أهداف التعلُّم، أمَّا استراتيجيات التعلُّم فهي الأفعال المدروسة التي يقوم بها المتعلِّمون من أجل جعل عملية التعلُّم أكثر فاعلية وسهولة ومتعة وسرعة أيضاً، وهي التي تُكسب المتعلم قدرةً على التعلُّم الذاتي، ومهارة في توظيف ما تعلَّمه في مجالات جديدة.

ترتبط استراتيجيات التعليم بطرائق التعليم، وهي مجموعة الأدوات التي يستخدمها المعلم في سبيل تمهيد البيئة وتوظيفها بطريقة مناسبة من أجل إتمام عملية التعليم، وتحديد النشاطات التي تحدِّد دور كل من المعلم والمتعلم في أثناء الدرس، وعليه فإنَّ لكل استراتيجية من استراتيجيات التعليم طرائق للتعليم خاصة بها، وتختلف عن طرائق التعليم المتعلقة باستراتيجيات تعليمية أخرى، ويمكن التمييز بين استراتيجيات التعليم والتعلُّم عن طريق الدور الذي يؤديه المدرس في العملية التعليمية.

في استراتيجية التعليم المحاضر مثلاً، يكون المعلم هو المصدر الرئيس للمعلومة، ويكون الطالب هنا بدور المتلقي؛ إذ يستقبل من المعلم المعلومات بطريقة سلبية دون أن يكون له دور في العملية التعليمية، أمَّا في استراتيجيات تعليمية أخرى تُفعَّل استراتيجيات تعلُّم لدى الطلبة، كما هو الحال في التعليم التعاوني مثلاً.

الفرق بين استراتيجيات التعليم والتعلُّم هو الدور الذي يؤديه المعلم في أثناء إدارة العملية التعليمية، بصرف النظر عن حجم هذا الدور ونسبته، ففي الاستراتيجيات التي يكون التركيز فيها على جعل المعلم ميسِّراً لعملية التعلُّم، وجعل الطالب محوراً لهذه العملية تكون هذه استراتيجيات تعلُّم، لأنَّ استراتيجيات التعلُّم مُضمَّنة في استراتيجيات التعليم، ويستطيع المعلم في أثناء اتباعه أي واحدة من استراتيجيات التعليم أن يفعِّل دور الطالب أكثر، ويركِّز على تطوير استراتيجيات التعلُّم لديه، وهذا من شأنه أن يزيد من فاعلية العملية التعليمية، ويرفع مستوى تركيز الطلاب وقدرتهم على استيعاب المعلومات وتذكرها.

شاهد بالفديو: 6 عادات يمارسها الأشخاص الذين يتقنون التعلُّم

 

استراتيجيات التعليم:

استراتيجيات التعليم هي الأساليب والطرائق التي يتبعها المعلم في إيصال الأهداف التعليمية للطلاب، وفيما يأتي بعض من استراتيجيات التعليم:

1. استراتيجية المحاضرة أو الإلقاء:

تعدُّ استراتيجية المحاضرة من أشهر استراتيجيات التعليم وأكثرها شيوعاً، وفيها يُقدِّم المعلم المعلومات والحقائق للطلاب وغيرها من الأفكار المتعلقة بالموضوع المطروح.

2. استراتيجية المناقشة:

يُحدِّد المعلم في هذا النوع من استراتيجيات التعليم الموضوع الذي سيُناقش في الجلسة والجوانب التي سيُتطرَّق إليها والتي تغطي أبعاده جميعاً، ثم يُلقي الأسئلة على المتعلمين، ومن ثمَّ التعليق على إجاباتهم، وبعدها يُجري ربطاً بين المعلومات التي تم التوصل إليها ضمن إطار عام للموضوع المطروح.

3. استراتيجية حل المشكلات:

تُنشَّط في هذه الاستراتيجية البيئة المعرفية للمتعلمين، عن طريق نشاطات حل المشكلات، كما تُستثمر خبراتهم السابقة بوصفها أساساً لبناء معارف جديدة ومفاهيم حديثة؛ وذلك من خلال معظم العمليات والنشاطات الإيجابية التي تحفِّز التفكير وترفع الدافعية للتعلم.

4. استراتيجية التعلُّم القائم على المشاريع:

يُعتمد في هذه الاستراتيجية على الأعمال الميدانية التي تتطلَّب عملاً تطبيقياً؛ إذ يُكلَّف المتعلِّمون بمشروع تطبيقي للنشاط، فيضطرون إلى البحث والاطلاع واستخدام الكتب وكافة المصادر المعرفية من أجل إنجاز المطلوب.

5. استراتيجية التعليم التعاوني:

يُقسَّم في هذه الاستراتيجية المتعلمون إلى فئات صغيرة عدد أفرادها (4-6) متفاوتة المستويات التعليمية، وتمنح كل فئة مهمَّة، ويؤدي كل عضو جزءاً منها، ليتم فيما بعد إجراء تكامل بين أعمال المجموعات.

6. استراتيجية العصف الذهني:

هي استراتيجية تقوم على حرية التفكير، وتوليد عدد كبير من الأفكار الإبداعية عن موضوع معيَّن يطرحه المعلم، وبعد تقديم الأفكار يناقشها المعلم، ويحدِّد الأفضل بينها، وهذا يشجِّع على التركيز وحرية التعبير، وينشِّط مشاركة المتعلمين، كما أنَّ هذه الطريقة تساعدهم على توليد أفكار جديدة، وتنمِّي التفكير الناقد والتفكير الإبداعي والثقة بالنفس عندهم.

7. التعليم بالاكتشاف:

هو من استراتيجيات التعليم التي تساعد على تنظيم المعلومات السابقة عند المتعلمين، وإعادة ترتيبها بطريقة توصلهم نحو علاقات جديدة.

8. التعليم الإلكتروني:

هو من استراتيجيات التعليم الحديثة التي توظِّف التكنولوجيا في خدمة العملية التعليمية، كالحواسيب وتطبيقاتها والإنترنت.

استراتيجيات التعلُّم:

هي الأساليب التي يتَّبعها المتعلم من أجل الحصول على أفضل استفادة من المادة التعليمية، ومن أهم الاستراتيجيات:

1. الممارسة المتباعدة:

تعني إعادة استذكار المعلومات بين الفينة والأخرى؛ فبعد حفظها ستُنسى بعد فترة، ومن ثمَّ فإنَّ إعادة استذكارها بعد مدة يعزِّزها مرة أخرى، فتكرار عمليات النسيان والتذكُّر يعدُّ من أهم استراتيجيات التعلُّم، ويُصنَّف بأنَّه تعلُّم متصاعد.

2. المذاكرة:

هي من أفضل طرائق التعلُّم، فهي تتيح لنا اكتشاف خداع أنفسنا لنا عن طريق ظننا بأنَّنا نعرف هذه المعلومات عندما نقرؤها بين صفحات الكتب، لكنَّ استذكارها غيابياً يوضِّح تذكُّرنا الحقيقي لها، ويجبرنا على استعادتها من الذاكرة؛ لذا يجب أن يغلق المتعلم الكتب أو المصادر التعليمية، ويسعى إلى كتابة المعلومات، أو رسمها غيابياً، أو شرحها لصديق؛ لأنَّ ذلك يعزِّز عملية الاسترجاع والتذكر.

3. الاستنتاج:

من أهم استراتيجيات التعلُّم؛ إذ يُتجاوز فيها موضوع حفظ المادة التعليمية والوصول إلى مرحلة بناء استنتاجات واستخلاص معلومات منها وتفاصيل هامَّة عنها، ويمكن للمدرسين تعزيز هذه الاستراتيجية من خلال طرح أسئلة استنتاجية بعد كل درس.

4. التبديل بين الأفكار:

يُنوَّع في هذه الاستراتيجية في حل المسائل أو اختبار المعلومات التي يقوم بها الطالب؛ لأنَّ ذلك يشجِّعه على التمييز بين المسائل، ومن ثمَّ التركيز على أساليب حلها لمعرفة الفوارق بينها، فإذا ما كان الطالب يتعلم حل المسائل المتعلقة بالمثلثات ويحل ما يقارب عشرين مسألة عن المثلثات، فعليه أن ينوِّع المسائل التي يحلها، فيحل مسائل عن الدائرة أو المستطيلات في أثناء تعلمه حل مسائل المثلثات؛ لأنَّ هذا من شأنه أن يجعله يُخطئ أكثر، لكنَّه في الوقت ذاته سيجد استراتيجية تعلُّم مناسبة لكل نوع من المسائل، بدلاً من أن يكرِّر نفس الاستراتيجية، وسيتعلَّم التفكير النقدي.

شاهد بالفديو: 10 طرق فعالة لتتعلّم بشكل أسرع

 

5. تقديم الأمثلة:

يعدُّ ضرب الأمثلة من أهم استراتيجيات التعلُّم، وغالباً ما يُستعان بأشياء يعرفها الطالب، وهذه الاستراتيجية مشهورة ومعروفة ويستخدمها المعلمون كثيراً، كما أنَّ الطلب من المتعلم أن يُعطي أمثلة، من شأنه أيضاً أن يعزِّز عملية التعلُّم، ويوعِّيهم إلى فائدة التمثيل واستخدامها في أثناء عملية التعلُّم.

6. الترميز المزدوج:

يُقصد بهذه الاستراتيجية من استراتيجيات التعلُّم الجمع بين الصور والكلمات أو المخططات والرسوم البيانية، وهذه الاستراتيجية فعَّالة جداً في عملية التعلُّم، ويمكن للطلاب إنشاء رسومهم الخاصة للمفاهيم؛ لأنَّ ذلك يعزِّز المفاهيم في الدماغ من خلال مرورها بمسارين مختلفين، ممَّا يسهِّل استرجاعها، وهذا ما يفسِّر استخدام الرسوم التوضيحية في الكتب والعروض التقديمية ومواقع الويب، وعلى المعلم أن يطلب من المتعلمين أن يصفوا لبعضهم العناصر المرئية، أو أن يرسموا صورهم الخاصة المستنبطة من المحتوى وعند دراستهم في المنزل أيضاً، من أجل تعزيز تذكُّر المحتوى أكثر.

في الختام:

استراتيجيات التعليم والتعلُّم هي مجموعة الطرائق والأساليب والخطط المنظَّمة التي يتبعها كل من المعلمين والمتعلمين من أجل تحقيق أهداف عملية التعلُّم، والفرق بينهما يكون من خلال الدور الذي يؤديه المعلم، كما أنَّ تكامل عمل كل من استراتيجيات التعليم واستراتيجيات التعلُّم هو الذي يوصل إلى نتائج جيدة في تحقيق تحصيل علمي ممتاز؛ وذلك بسبب التقديم المثالي للمادة التعليمية من خلال استراتيجيات التعليم، فالتخزين المثالي لها بفضل استراتيجيات التعلُّم، هو ما يحقِّق أهداف العملية التعليمية على أكمل وجه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى